أعراض الولادة الطبيعية بالتفصيل

أعراض الولادة الطبيعية: علامات المرحلة الأخيرة من الحمل

تُعدّ الولادة الطبيعية من أكثر اللحظات الفاصلة في حياة المرأة، حيث تمثل تتويجاً لفترة الحمل التي دامت تسعة أشهر. وهي العملية التي ينتقل فيها الجنين من الرحم إلى العالم الخارجي عبر قناة الولادة. لا تأتي الولادة فجأة، بل تسبقها سلسلة من العلامات البيولوجية والنفسية والهرمونية التي تشير إلى اقتراب الحدث الأكبر. تختلف أعراض الولادة الطبيعية في توقيتها وشدتها بين النساء، وحتى بين حمل وآخر لدى نفس المرأة، ولكن هناك مجموعة من الأعراض والعلامات الشائعة التي تدل على بدء المخاض واقتراب الولادة.

التغيرات الهرمونية والبداية التدريجية للمخاض

تبدأ أعراض الولادة نتيجة لتغيرات هرمونية معقدة تشترك فيها عدة أنظمة في جسم المرأة. من أهم هذه التغيرات زيادة هرمون الأوكسيتوسين الذي يحفز تقلصات الرحم، وانخفاض تدريجي في هرمون البروجسترون الذي كان يعمل على تثبيت الحمل. هذه التغيرات الهرمونية تُفعّل عضلة الرحم وتزيد من حساسيتها تجاه المؤثرات العصبية، مما يؤدي إلى بداية المخاض الفعلي.

الأعراض التمهيدية للولادة

في الأسابيع الأخيرة من الحمل، تبدأ بعض الأعراض التي تشير إلى اقتراب المخاض، لكنها لا تعني أن الولادة ستحدث خلال ساعات. بل هي إشارات أولية تحذر المرأة من أن جسمها بدأ في الاستعداد للولادة.

1. نزول البطن أو “انخفاض رأس الجنين”

من أبرز العلامات الأولية هو انخفاض الجنين في الحوض، والذي يحدث عادة قبل عدة أسابيع من الولادة عند الأمهات لأول مرة، وقد يحدث قبل ساعات فقط عند من سبق لهن الإنجاب. تشعر المرأة بانخفاض واضح في البطن، ويصبح التنفس أسهل نتيجة تقليل الضغط على الحجاب الحاجز، في حين يزداد الضغط على المثانة مما يؤدي إلى كثرة التبول.

2. خروج السدادة المخاطية

خلال فترة الحمل، تتشكل سدادة مخاطية سميكة تغلق عنق الرحم وتحمي الرحم من الميكروبات. وعندما يلين عنق الرحم استعداداً للمخاض، تبدأ هذه السدادة بالخروج إما دفعة واحدة أو على شكل إفرازات مخاطية مختلطة بالقليل من الدم، تُعرف باسم “العرض الدموي”. يُعدّ هذا العرض من العلامات القوية على اقتراب الولادة، ولكنه قد يحدث قبل المخاض بعدة أيام.

3. زيادة الإفرازات المهبلية

تلاحظ العديد من النساء زيادة واضحة في الإفرازات المهبلية قرب نهاية الحمل. تكون هذه الإفرازات عادة لزجة وشفافة أو مائلة إلى البياض، وتدل على تغيرات في عنق الرحم وازدياد إفرازات الغدد المهبلية استجابةً للنشاط الهرموني المكثف.

4. الشعور بآلام أسفل الظهر والحوض

تشكو كثير من الحوامل من آلام أسفل الظهر وتشنجات تشبه آلام الحيض في الأسابيع الأخيرة من الحمل. تكون هذه الآلام ناجمة عن توسع الحوض وتحرك الجنين إلى الأسفل، إضافة إلى ارتخاء الأربطة التي تربط بين عظام الحوض بفعل هرمون الريلاكسين.

5. الإسهال وتغيرات في الجهاز الهضمي

من العلامات غير المباشرة على قرب الولادة حدوث اضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال أو الغثيان أو فقدان الشهية. يُعتقد أن هذه التغيرات ناتجة عن تأثير الهرمونات على عضلات الجهاز الهضمي وعن التهيئة العامة للجسم للولادة.

6. نشاط زائد للطاقة أو “طاقة التعشيش”

تختبر بعض النساء زيادة مفاجئة في الطاقة والرغبة في تنظيف المنزل أو إعداد الأشياء للطفل، فيما يُعرف بطاقة التعشيش. لا توجد قاعدة علمية دقيقة تفسر هذه الظاهرة، لكنها تُعتبر من الإشارات النفسية والجسدية التي تسبق الولادة.

الأعراض الفعلية للمخاض وبداية الولادة الطبيعية

عندما تشتد العلامات وتصبح أكثر تكرارًا وانتظامًا، نكون قد دخلنا في مرحلة المخاض النشط. وتتميز هذه المرحلة بظهور أعراض واضحة وقوية تدل على أن الولادة قد بدأت فعلياً أو ستبدأ خلال وقت قصير.

1. انقباضات الرحم المنتظمة والمتزايدة

العلامة الأكثر وضوحًا لبداية المخاض هي الانقباضات الرحمية المنتظمة. تكون في البداية خفيفة ومتباعدة (كل 20–30 دقيقة)، ثم تزداد تدريجيًا في القوة والتقارب (كل 3–5 دقائق). تتميز هذه الانقباضات بأنها لا تزول عند تغيير وضع الجسم، وتستمر في التزايد حتى الولادة.

2. تمزق كيس الماء (نزول السائل الأمنيوسي)

عند اقتراب الولادة، ينفجر الكيس الأمنيوسي المحيط بالجنين، ما يؤدي إلى نزول سائل شفاف دافئ من المهبل، ويُعرف هذا الحدث بـ”نزول الماء”. قد يحدث تمزق الكيس قبل بداية الانقباضات أو خلالها. ويجب التوجه إلى المستشفى فور حدوثه، خاصة إذا كان لون السائل غير شفاف أو ذو رائحة غريبة.

3. اتساع عنق الرحم

يتم فحص اتساع عنق الرحم من قبل الأطباء أو القابلات خلال الفحوصات المهبلية. يكون عنق الرحم مغلقًا خلال الحمل، ويبدأ بالاتساع تدريجيًا مع بدء الانقباضات حتى يصل إلى 10 سنتيمترات، وهو الاتساع الكامل الذي يسمح بمرور رأس الجنين. يُعد هذا التوسع أحد المؤشرات الأساسية التي يتم الاعتماد عليها لتحديد مرحلة الولادة.

4. الشعور بالضغط في الحوض والرغبة في الدفع

مع تقدم المخاض ووصول الجنين إلى الجزء السفلي من الحوض، تشعر المرأة بضغط شديد في المستقيم ومنطقة العجان، يشبه إلى حد كبير الشعور بالرغبة في التبرز. هذا الضغط يتزايد مع كل انقباضة ويصاحبه رغبة غريزية في الدفع، وهي المرحلة التي تسبق خروج الجنين مباشرة.

5. تغيرات في النبض والتنفس والتعرق

بسبب الإجهاد البدني الكبير، تظهر على المرأة تغيرات في معدل النبض والتنفس، إضافة إلى التعرق الغزير. كما قد تشعر بالغثيان أو الدوار بسبب إفراز الأدرينالين كرد فعل طبيعي للجسم.

الجدول التالي يوضح الفروقات بين الأعراض التمهيدية وأعراض المخاض الفعلي:

مراحل الولادة الطبيعية

تمر الولادة الطبيعية بثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى: مرحلة التوسع

وهي المرحلة الأطول، وتبدأ من بداية الانقباضات المنتظمة حتى وصول اتساع عنق الرحم إلى 10 سم. قد تستمر من عدة ساعات إلى يوم كامل، وتُقسّم إلى ثلاث مراحل فرعية (المرحلة الكامنة، النشطة، الانتقالية).

المرحلة الثانية: مرحلة الدفع والولادة

تبدأ هذه المرحلة بعد الاتساع الكامل، وتستمر حتى خروج الجنين. تختلف مدتها حسب وضعية الجنين وخبرة المرأة في الولادة، لكنها عادة ما تمتد من 30 دقيقة إلى ساعتين.

المرحلة الثالثة: مرحلة خروج المشيمة

بعد ولادة الطفل، تبدأ انقباضات جديدة تؤدي إلى انفصال المشيمة عن جدار الرحم وخروجها. تستغرق هذه المرحلة حوالي 5 إلى 30 دقيقة، ويتم مراقبتها بعناية لتجنب النزيف.

مراقبة الأعراض والاستعداد للولادة

من المهم على الحامل في الأسابيع الأخيرة من الحمل أن تتابع حالتها الصحية بانتظام مع الطبيب أو القابلة. ويُنصح بالتحضير النفسي والجسدي من خلال تجهيز حقيبة الولادة، وترتيب وسيلة النقل إلى المستشفى، ومتابعة علامات المخاض دون توتر أو قلق. إن فهم هذه الأعراض والتعرف على مراحل الولادة يمكن أن يقلل من الخوف ويزيد من ثقة المرأة بنفسها خلال هذه التجربة الفريدة.

المصادر

• Mayo Clinic – Labor and delivery: What to expect

• World Health Organization (WHO) – Recommendations on Intrapartum Care for a Positive Childbirth Experience