أعراض التهاب المعدة: الأسباب، الأنواع، المضاعفات، طرق التشخيص والعلاج

يُعد التهاب المعدة من أكثر الاضطرابات الهضمية شيوعاً وانتشاراً في جميع أنحاء العالم، ويحدث نتيجة تهيّج أو تلف في الغشاء المخاطي المبطن لجدار المعدة. تتفاوت أعراض التهاب المعدة في شدّتها وطبيعتها، وقد تظهر بشكل مفاجئ (حادّ) أو تتطور تدريجياً على مدار فترة زمنية طويلة (مزمن). هذا المقال الموسّع يهدف إلى تقديم عرض شامل لأعراض التهاب المعدة مع تناول أسبابه، أنواعه، مضاعفاته المحتملة، وطرق التشخيص والعلاج بناءً على أحدث ما توصل إليه الطب الحديث.

أولاً: نظرة عامة على المعدة ووظيفتها الحيوية

المعدة هي عضو عضلي مجوف يقع في الجزء العلوي من البطن، وتعمل كمحطة أساسية في عملية الهضم. تقوم بإفراز الإنزيمات والعصارات الهضمية، وتفرز حمض الهيدروكلوريك الضروري لتحطيم البروتينات، كما تسهم في قتل البكتيريا والميكروبات القادمة مع الطعام. يتكوّن جدار المعدة من عدة طبقات، منها الطبقة المخاطية التي تعمل كحاجز واقٍ ضد الأحماض. عندما يتعرض هذا الحاجز للتلف أو التآكل، تصبح المعدة عرضة للالتهاب.

ثانياً: أعراض التهاب المعدة

تختلف أعراض التهاب المعدة باختلاف السبب، ومدى شدة الالتهاب، ومدى تقدم الحالة، وقد تكون الأعراض صامتة في بعض الحالات، وخاصة لدى كبار السن أو مرضى السكري.

1. ألم في الجزء العلوي من البطن

يُعد الألم أو الإحساس بالحرقة في المنطقة العليا من البطن من أبرز الأعراض. يوصف الألم أحياناً بأنه يشبه الطعن أو الحرق، ويزداد غالباً بعد تناول الطعام أو عند فراغ المعدة من الطعام.

2. الغثيان والتقيؤ

الغثيان هو عرض شائع يرتبط بتهيج بطانة المعدة. في بعض الحالات، قد يتطور الغثيان إلى تقيؤ، والذي قد يحتوي على آثار دم في الحالات المتقدمة، أو يبدو بلون بني داكن (يشبه القهوة) نتيجة النزيف الهضمي العلوي.

3. الشعور بالامتلاء المبكر

يشكو الكثير من المصابين بالتهاب المعدة من الإحساس بالشبع بعد تناول كمية صغيرة من الطعام، ما يؤدي إلى ضعف الشهية ونقص في الوزن.

4. الانتفاخ والغازات

يؤدي التهاب المعدة إلى تباطؤ عملية الهضم، مما يؤدي إلى تراكم الغازات والإحساس بالانتفاخ في البطن، وأحياناً يصاحبه تجشؤ مفرط.

5. فقدان الشهية

نتيجة الألم والانزعاج المستمرين في الجهاز الهضمي، يعاني المرضى غالباً من فقدان الرغبة في تناول الطعام.

6. عسر الهضم

يعاني العديد من المرضى من اضطرابات في الهضم، تشمل إحساساً بثقل المعدة، وتباطؤ في تفريغ محتوياتها، مما يسبب الانزعاج المتكرر.

7. أعراض إضافية محتملة

• طعم مر أو حامض في الفم (نتيجة ارتجاع الحمض)

• رائحة فم كريهة

• إرهاق عام

• تغير لون البراز إلى اللون الأسود أو القاتم في حالات النزيف الداخلي

ثالثاً: أنواع التهاب المعدة

1. التهاب المعدة الحاد

يحدث بشكل مفاجئ نتيجة تعرض المعدة لعوامل مهيجة مثل الكحول، الأدوية، أو العدوى البكتيرية. تتسم الأعراض بظهور سريع وقد تكون حادة.

2. التهاب المعدة المزمن

يتطور ببطء على مدار أشهر أو سنوات، وغالباً ما يكون نتيجة لعدوى مزمنة بجرثومة Helicobacter pylori أو أمراض المناعة الذاتية. في هذه الحالة، قد تضعف بطانة المعدة تدريجياً ويحدث ضمور في الغشاء المخاطي.

3. التهاب المعدة التآكلي

يتضمن وجود تقرحات صغيرة أو تآكل في بطانة المعدة، وقد يؤدي إلى نزيف.

4. التهاب المعدة الناتج عن المناعة الذاتية

يحدث عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا المعدة السليمة، ما يؤدي إلى ضمور الغشاء المخاطي ونقص في إنتاج حمض المعدة وفيتامين B12.

رابعاً: أسباب التهاب المعدة

خامساً: مضاعفات التهاب المعدة

إذا لم يُعالج التهاب المعدة بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب، فقد يؤدي إلى عدد من المضاعفات الخطيرة:

1. القرحة الهضمية
   نتيجة استمرار الالتهاب المزمن، قد تتآكل الطبقة المخاطية وتتكون قرح عميقة.

2. النزيف الهضمي
   تآكل الأوعية الدموية في جدار المعدة يمكن أن يؤدي إلى نزيف، يظهر على شكل قيء دموي أو براز داكن.

3. فقر الدم
   خاصة في الحالات المزمنة المصحوبة بنزيف أو نقص امتصاص فيتامين B12.

4. سرطان المعدة
   ترتبط بعض أنواع التهاب المعدة، خاصة الناتجة عن H. pylori أو مناعي ذاتي، بزيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة.

5. ضمور المعدة وفقدان الوظيفة
   وهو تدهور تدريجي في بنية ووظائف المعدة مع الوقت، يؤدي إلى فقدان قدرتها على إفراز الأحماض والإنزيمات.

سادساً: طرق التشخيص

تعتمد استراتيجية تشخيص التهاب المعدة على مزيج من التاريخ الطبي والفحص السريري والفحوصات المخبرية والتقنيات التصويرية.

1. التاريخ الطبي والفحص السريري

يبدأ الطبيب بجمع معلومات حول الأعراض، نمط الحياة، العادات الغذائية، وتاريخ استخدام الأدوية.

2. التحاليل المخبرية

• فحص الدم: للكشف عن فقر الدم أو نقص فيتامين B12

• فحص البراز: للتحقق من وجود دم خفي أو عدوى

• اختبار التنفس للكشف عن Helicobacter pylori

3. المنظار الهضمي العلوي

هو الوسيلة الأهم لتأكيد وجود التهاب المعدة، حيث يتم إدخال أنبوب مرن مزود بكاميرا لمعاينة جدار المعدة مباشرة وأخذ خزعات للفحص المخبري.

4. خزعة نسيجية

تستخدم لتحديد نوع الالتهاب، وجود جرثومة المعدة، أو علامات تغيرات خلوية مشبوهة (مثل التحول السرطاني).

سابعاً: طرق العلاج

يختلف العلاج باختلاف السبب الأساسي ونوع الالتهاب، ويهدف بشكل رئيسي إلى تخفيف الأعراض، معالجة السبب الجذري، والوقاية من المضاعفات.

1. العلاج الدوائي

• مضادات الحموضة: مثل الألمنيوم هيدروكسيد والمغنيسيوم لتهدئة الأعراض السريعة

• مثبطات مضخة البروتون (PPIs): مثل أوميبرازول وبانتوبرازول لتقليل إفراز الحمض

• حاصرات مستقبلات H2: مثل الرانيتيدين والفاموتيدين

• المضادات الحيوية: للقضاء على H. pylori (عادة ثلاثي أو رباعي العلاج)

• السوكرالفات: يشكل طبقة حماية على القرح

• مكملات فيتامين B12: في حالات النقص الناتجة عن التهاب المعدة المناعي

2. التغييرات في نمط الحياة

• تجنب الأطعمة الحارة، الدهنية، والمقلية

• الامتناع عن الكحول والتدخين

• تقسيم الوجبات إلى كميات صغيرة متعددة

• تجنب الاستلقاء بعد الأكل مباشرة

• تقليل التوتر النفسي من خلال تقنيات الاسترخاء أو العلاج السلوكي

3. المتابعة الطبية المنتظمة

تعد ضرورية خاصة في الحالات المزمنة أو ذات الخطر المرتفع للتحول السرطاني.

ثامناً: التغذية المناسبة لمرضى التهاب المعدة

تاسعاً: التوقعات والتعافي

مع التشخيص المبكر والعلاج المناسب، تكون توقعات الشفاء من التهاب المعدة الحاد ممتازة. أما في الحالات المزمنة، فتهدف الاستراتيجية العلاجية إلى السيطرة على الأعراض ومنع تطورها إلى مضاعفات خطيرة. التزام المريض بنمط حياة صحي وتجنب العوامل المهيجة يلعب دوراً مركزياً في الوقاية طويلة الأمد.

المصادر:

1. Mayo Clinic – Gastritis
   
   https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/gastritis

2. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK) – Gastritis
   
   https://www.niddk.nih.gov/health-information/digestive-diseases/gastritis