أضرار صبغة الشعر: نظرة شاملة على المخاطر والتأثيرات الصحية والتجميلية

تُعد صبغات الشعر من المنتجات الشائعة في عالم التجميل، حيث تستخدمها النساء والرجال على حد سواء لتغيير لون الشعر أو تغطيه الشيب أو لأغراض جمالية أخرى. ومع تزايد الإقبال على هذه المنتجات، يزداد القلق أيضاً حول تأثيراتها السلبية على الصحة العامة والشعر وفروة الرأس. على الرغم من سهولة استخدام صبغات الشعر وتوفرها بأنواع وألوان مختلفة، إلا أن العديد منها يحتوي على مواد كيميائية قد تكون ضارة على المدى القصير والطويل. هذا المقال يستعرض بالتفصيل أضرار صبغات الشعر من الجوانب الصحية، الجلدية، التنفسية، والتجميلية، مدعومًا بالمعلومات العلمية والحقائق المؤكدة.

أولًا: المكونات الكيميائية في صبغات الشعر وتأثيرها

صبغات الشعر الصناعية تحتوي على مزيج معقد من المواد الكيميائية التي تعمل على تغيير لون الشعر عبر تفاعلات كيميائية تحدث في الشعرة. من بين أبرز هذه المواد:

• بارافينيلين ديامين (PPD): وهي من أكثر المواد استخدامًا في صبغات الشعر الدائمة، وتعتبر من العوامل المسببة لتهيج الجلد والحساسية.

• الأمونيا: تُستخدم لفتح مسام الشعرة وتمكين اللون من التغلغل، لكنها مادة مهيجة يمكن أن تضر بفروة الرأس والجهاز التنفسي.

• بيروكسيد الهيدروجين: يعمل كمؤكسد لإزالة لون الشعر الطبيعي، لكنه قد يؤدي إلى تلف الشعر عند الاستخدام المتكرر.

• ريزورسِنول: مادة تدخل في تفاعلات الأكسدة في الصبغات الدائمة ولها تأثيرات ضارة محتملة على الجلد والجهاز الهرموني.

ثانيًا: الأضرار الصحية المحتملة لصبغة الشعر

1. ردود الفعل التحسسية

واحدة من أكثر المشاكل شيوعًا المرتبطة باستخدام صبغات الشعر هي ردود الفعل التحسسية، والتي يمكن أن تتراوح بين تهيج طفيف إلى حساسية شديدة قد تصل إلى التورم وصعوبة التنفس. غالبًا ما تحدث هذه التفاعلات نتيجة مادة PPD، خاصة لدى الأشخاص ذوي البشرة الحساسة.

2. التهيج الجلدي

يمكن أن تتسبب المواد الكيميائية في الصبغة في حدوث التهابات أو تهيج في فروة الرأس، وقد يتطور الأمر إلى تقرحات أو تشققات جلدية مؤلمة. يحدث هذا خاصةً عندما تترك الصبغة لفترات طويلة أو تُستخدم بكميات مفرطة.

3. التأثير على الجهاز التنفسي

استنشاق أبخرة المواد الكيميائية مثل الأمونيا أو الفورمالديهايد (الموجود في بعض المنتجات غير الآمنة) قد يؤدي إلى تهيج الأنف والحنجرة والرئتين، ويكون هذا التأثير أكثر وضوحًا في الأماكن المغلقة أو سيئة التهوية.

4. تأثيرات على الحمل والخصوبة

بعض الدراسات أشارت إلى أن التعرض المتكرر للمواد الكيميائية في صبغات الشعر قد يكون مرتبطًا بمخاطر على الحمل مثل انخفاض الوزن عند الولادة أو مشاكل في التطور الجنيني. كما يُعتقد أن بعض المكونات قد تؤثر على الخصوبة عند الاستخدام المزمن.

5. مخاطر السرطان

تشير بعض الأبحاث إلى وجود ارتباط بين الاستخدام المتكرر للصبغات وخاصة الداكنة منها وبين زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان المثانة وسرطان الدم. ورغم أن الأدلة لا تزال غير حاسمة، إلا أن هذه النتائج تستدعي الحذر والتقنين في الاستخدام.

ثالثًا: التأثيرات الجمالية والتجميلية لصبغة الشعر

1. تلف الشعر وتقصفه

المواد الكيميائية التي تخترق الشعرة لتغيير لونها قد تُضعف بنيتها، مما يؤدي إلى تكسر الشعر وتقصف الأطراف وفقدان اللمعان الطبيعي. ومع الاستخدام المتكرر، يصبح الشعر جافًا وهشًا.

2. فقدان الترطيب الطبيعي

الصبغات وخاصة التي تحتوي على الأمونيا تسلب فروة الرأس زيوتها الطبيعية، مما يؤدي إلى جفاف الشعر وفروة الرأس، وقد يتسبب في ظهور القشرة.

3. فقدان اللون الطبيعي وعدم التوازن اللوني

بعض أنواع الصبغات، خاصة تلك ذات اللون الفاتح أو الأشقر، تتطلب سحب اللون الطبيعي أولًا، مما يجعل من الصعب استعادة لون الشعر الأصلي لاحقًا. هذا قد يؤدي إلى تغيرات لونية غير مرغوبة تتطلب تدخلات تصحيحية.

رابعًا: الأضرار النفسية والاجتماعية المرتبطة بالاستخدام المتكرر

في مجتمع يهتم بالمظهر والجمال، يُنظر إلى صبغة الشعر كأداة لتعزيز الثقة بالنفس. ومع ذلك، فإن الاعتماد الزائد عليها قد يؤدي إلى آثار عكسية منها:

• الإدمان على التغيير المتكرر للمظهر: مما يضع المستخدم في حلقة مفرغة من التعديلات المستمرة التي تضر بالشعر.

• الشعور بالقلق أو الإحباط عند فشل التلوين: مثل عدم تطابق اللون النهائي مع التوقعات أو حدوث تلف شديد في الشعر.

• الضغوط الاجتماعية للحفاظ على مظهر معين: مما يدفع الأفراد لتكرار الصبغات دون مراعاة الأضرار الصحية والتجميلية.

خامسًا: الفئات الأكثر عرضة للأضرار

تتفاوت أضرار صبغة الشعر حسب الفئة العمرية والحالة الصحية ونوع الشعر، وفيما يلي أبرز الفئات الأكثر تأثرًا:

سادسًا: البدائل الآمنة لصبغات الشعر التقليدية

مع ازدياد الوعي الصحي، ظهرت العديد من البدائل الطبيعية والعضوية التي تقلل من الأضرار الناتجة عن الصبغات الكيميائية، ومن بينها:

• الحناء الطبيعية: صبغة نباتية خالية من المواد الكيميائية تُستخدم منذ القدم، وتمنح الشعر لونًا غنيًا دون إتلافه.

• الصبغات العضوية الخالية من الأمونيا والـ PPD: أصبحت متوفرة في الأسواق وتُعد خيارًا أكثر أمانًا.

• الأصباغ النباتية المستخلصة من الأعشاب مثل البابونج، الكركديه، والقهوة.

• المنتجات شبه الدائمة أو الخالية من الأكسدة والتي لا تتغلغل بعمق في بنية الشعرة، لكنها أقل ثباتًا.

سابعًا: الإجراءات الوقائية عند استخدام صبغات الشعر

للحد من الأضرار المحتملة لاستخدام الصبغات، يُنصح باتباع مجموعة من الإجراءات الوقائية:

• إجراء اختبار الحساسية قبل الاستخدام: بوضع كمية صغيرة من الصبغة خلف الأذن وانتظار 48 ساعة.

• الابتعاد عن صبغ الشعر بشكل متكرر: وتقنين الاستخدام إلى مرة كل شهرين أو أكثر.

• اختيار منتجات خالية من المواد الضارة: والاعتماد على الصبغات ذات المكونات الطبيعية أو العضوية.

• توفير التهوية الجيدة أثناء التطبيق: لتجنب استنشاق الأبخرة الكيميائية.

• تجنب صبغ الشعر أثناء الحمل خاصة في الأشهر الأولى.

• الاهتمام بالعناية بالشعر بعد الصبغة: باستخدام بلسم مغذٍ وزيوت طبيعية لاستعادة الترطيب.

ثامنًا: الخلاصة العلمية حول أضرار صبغة الشعر

تشير الأدلة العلمية إلى أن صبغات الشعر، خصوصًا الدائمة منها، تحمل العديد من المخاطر الصحية والتجميلية نتيجة احتوائها على مركبات كيميائية نشطة قد تؤثر سلبًا على الجلد، الجهاز التنفسي، الشعر نفسه، وربما حتى على الصحة العامة في حال استخدامها المتكرر. ومع أن بعض الأضرار قد تكون مؤقتة أو سطحية، إلا أن التكرار والإفراط في الاستخدام قد يؤدي إلى نتائج تراكمية قد تكون خطيرة.

التحول إلى البدائل الآمنة، والاعتدال في الاستخدام، واتباع الإرشادات الوقائية، يمكن أن يخفف كثيرًا من هذه الأضرار. وفي كل الأحوال، يبقى الوعي الصحي ومعرفة مكونات المنتجات المستخدمة، هو السلاح الأهم للوقاية من هذه التأثيرات السلبية.

المراجع:

1. American Cancer Society. Hair Dyes and Cancer Risk. https://www.cancer.org

2. National Center for Biotechnology Information. “Occupational Exposure to Hair Dyes and Cancer Risk”. PubMed.