أضرار الحجامة: بين الفوائد والمخاطر
الحجامة هي إحدى الطرق التقليدية التي استخدمها البشر منذ آلاف السنين، وهي تعتمد على استخدام أكواب خاصة تُوضع على سطح الجلد لخلق ضغط سلبي. تُعتبر الحجامة من العلاجات التي انتشرت في العديد من الثقافات القديمة مثل الطب الصيني التقليدي والطب العربي القديم. على الرغم من شهرة الحجامة في علاج مجموعة من الأمراض والمشاكل الصحية، فإنها لا تخلو من الأضرار والمخاطر التي قد تحدث في بعض الحالات. في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل أضرار الحجامة، وكيفية تأثيرها على الجسم، ونسلط الضوء على المخاطر التي قد تنجم عنها إذا لم يتم استخدامها بالطريقة الصحيحة.
فهم الحجامة وآلية عملها
قبل أن نتطرق إلى أضرار الحجامة، يجب أولاً أن نفهم كيفية عمل هذه التقنية. يتم تطبيق الحجامة باستخدام أكواب يمكن أن تكون مصنوعة من الزجاج أو البلاستيك أو الخيزران أو حتى السيليكون. يتم وضع هذه الأكواب على مناطق معينة من الجسم، وتقوم الأدوات المستخدمة في الحجامة بخلق فراغ داخل الكوب عن طريق امتصاص الهواء. هذا الفراغ يؤدي إلى سحب الجلد والأنسجة التي تحتها إلى داخل الكوب، وهو ما يساعد على تحفيز الدورة الدموية في المنطقة المعالجة.
يوجد نوعان رئيسيان من الحجامة:
-
الحجامة الجافة: يتم فيها فقط وضع الأكواب على الجلد بدون أي شقوق أو جروح.
-
الحجامة الرطبة: يتم فيها عمل شقوق صغيرة في الجلد قبل وضع الأكواب، حيث يتم سحب الدم الفاسد أو الراكدة من الجسم.
أضرار الحجامة: المخاطر المرتبطة بها
على الرغم من أن العديد من الأشخاص يجدون أن الحجامة توفر لهم فوائد صحية ملحوظة، إلا أن هناك مجموعة من الأضرار التي يمكن أن تنجم عنها في بعض الحالات. سنناقش في هذه الفقرة المخاطر التي قد تحدث نتيجة لعدم اتباع إرشادات السلامة، أو بسبب ضعف الخبرة لدى الممارس.
1. الإصابات الجلدية والندبات
إحدى أكثر الأضرار شيوعًا نتيجة الحجامة هي حدوث إصابات جلدية. تتسبب عملية سحب الجلد داخل الأكواب في بعض الحالات في حدوث تمزقات أو جروح سطحية في الجلد، مما يؤدي إلى حدوث كدمات أو ندبات. يمكن أن تكون هذه الجروح مؤلمة، وتستغرق وقتًا طويلاً للشفاء. في بعض الحالات، قد تترك هذه الجروح علامات دائمة على الجلد، خاصة إذا كانت الحجامة قد أُجريت بشكل غير صحيح أو كانت المنطقة المستهدفة حساسة.
2. العدوى
عندما يتم تطبيق الحجامة الرطبة، حيث يتم استخدام شقوق لإخراج الدم، يصبح الجسم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى. إذا لم يتم تعقيم الأدوات بشكل جيد، أو إذا تم إهمال الإجراءات الوقائية أثناء العلاج، يمكن أن تنتقل البكتيريا أو الفيروسات إلى الجسم من خلال الجروح المفتوحة. قد تؤدي العدوى إلى التهابات خطيرة تتطلب العلاج الطبي، وإذا تم تجاهلها، قد تحدث مضاعفات تؤثر على الصحة العامة.
3. تغيرات في ضغط الدم
من الأضرار المحتملة التي قد يواجهها الشخص بعد إجراء الحجامة هي التغيرات في ضغط الدم. يمكن أن تؤدي الحجامة إلى انخفاض مفاجئ في ضغط الدم في بعض الحالات. هذا التأثير غالبًا ما يكون غير مريح، ويمكن أن يسبب دوخة أو شعورًا بالغثيان في بعض الأشخاص. في حالات نادرة، قد يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى إغماء الشخص، مما يعرضه لخطر الإصابة.
4. التفاعلات مع بعض الأدوية
الحجامة قد تؤثر على فعالية بعض الأدوية أو تتداخل مع العلاج الطبي التقليدي. الأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للتخثر مثل الأسبرين أو الوارفارين يجب عليهم توخي الحذر عند استخدام الحجامة، حيث إن الحجامة قد تزيد من خطر النزيف. لذلك، يُنصح الأفراد الذين يتناولون هذه الأدوية بمراجعة الطبيب قبل الخضوع للحجامة، لتقييم مدى أمان هذه الممارسة بالنسبة لهم.
5. الألم والالتهابات في مناطق العلاج
في بعض الأحيان، قد يعاني الشخص من ألم طويل الأمد في المناطق التي خضعت للعلاج بالحجامة. بعض الأشخاص قد يواجهون التهابات أو احمرارًا في المناطق المعالجة، وهذا قد يكون ناتجًا عن الضغط الزائد على الجلد أو الاستخدام المفرط للأكواب. إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات الاحترازية بشكل صحيح، فقد يتفاقم الألم ويصبح أكثر حدة.
6. تفاعل الجسم مع العلاج
رغم أن الحجامة تساعد في تحفيز الدورة الدموية وتنشيط الجسم، فإن بعض الأشخاص قد لا يتحملون هذا النوع من العلاج. يمكن أن يؤدي الضغط المفرط على الجسم إلى ظهور أعراض غير مرغوب فيها مثل الغثيان، الصداع، الدوخة، أو الشعور بالتعب الشديد. هذه الأعراض قد تكون مؤشرًا على أن الجسم لا يتجاوب بشكل جيد مع هذه التقنية.
أضرار الحجامة على حالات طبية معينة
قد لا تكون الحجامة مناسبة لجميع الأشخاص. في الواقع، قد تكون هناك حالات طبية تجعل من هذا العلاج محفوفًا بالمخاطر. على سبيل المثال:
-
الأشخاص الذين يعانون من أمراض جلدية: مثل حب الشباب أو الأكزيما، قد تزيد الحجامة من تفاقم هذه الأمراض وتسبب تهيجًا إضافيًا في الجلد.
-
الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النزيف: مثل الهيموفيليا أو غيرها من أمراض الدم، فإن استخدام الحجامة قد يؤدي إلى نزيف غير متحكم فيه.
-
الحوامل: يُنصح بتجنب الحجامة أثناء الحمل، حيث يمكن أن تؤثر على الدورة الدموية وتزيد من خطر التقلصات أو المخاض المبكر.
كيفية تجنب الأضرار المحتملة للحجامة
لتجنب الأضرار والمخاطر المرتبطة بالحجامة، يجب أن يتم العلاج على يد محترف مؤهل وذو خبرة. من المهم اتباع الإرشادات التالية لضمان إجراء الحجامة بأمان:
-
التأكد من تعقيم الأدوات: يجب أن تكون الأدوات المستخدمة في الحجامة معقمة تمامًا لتجنب انتقال أي عدوى.
-
الاستشارة الطبية قبل البدء بالعلاج: يجب على الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مزمنة أو يتناولون أدوية معينة استشارة الطبيب قبل الخضوع للحجامة.
-
الاختيار المناسب للممارس: من الضروري أن يكون المعالج ملمًا بتقنيات الحجامة ولديه خبرة كافية في هذا المجال. لا ينبغي إجراء الحجامة في صالونات أو مراكز غير معروفة.
-
عدم المبالغة في عدد الجلسات: يجب تحديد عدد الجلسات بشكل مناسب وفقًا لاحتياجات الفرد وحالته الصحية.
خاتمة
الحجامة، على الرغم من فوائدها التي تم الإشادة بها في العديد من الثقافات، قد تكون محفوفة بالمخاطر إذا لم تتم ممارستها بشكل صحيح. الأضرار المحتملة التي يمكن أن تنجم عنها تشمل الإصابات الجلدية، العدوى، التغيرات في ضغط الدم، الألم، التفاعلات مع الأدوية، وتأثيراتها على بعض الحالات الطبية. من الضروري أن يتم إجراء الحجامة تحت إشراف مختصين مؤهلين، مع الحرص على التقييم الطبي المسبق لتجنب أي مخاطر صحية.
