في أمسية فنيّة تراوحت بين الفخامة والعاطفة، أحيت الفنانة السورية أصالة نصري حفلاً غنائياً مميزاً في دار الأوبرا، حيث امتزجت نغمات صوتها الرائع برونق المكان الذي يحمل تاريخاً عريقاً في عالم الموسيقى والفنون. ولكن الملفت للنظر في هذا الحفل الفني الاستثنائي هو تفاصيل العودة المذهلة لأصالة إلى تقديم أغاني الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي، وذلك بعد فترة من القطيعة بينهما.
كانت هناك خلافات طويلة بين أصالة وعدد من الفنانين السوريين بما في ذلك جورج وسوف وميادة الحناوي، وجاء هذا الانقسام عقب الأحداث السياسية الهامة في سوريا، حيث اختلف الفنانون في آرائهم حول تلك الأحداث. وعلى الرغم من أن السياسة كانت لها دور كبير في هذا الانقسام، إلا أن أصالة قررت، على ما يبدو، التغلب على هذه الخلافات وتقديم لحن الوئام والتسامح.
في تحول ملفت، قدمت أصالة إحياءً رائعًا لأغنية “حبينا وتحبينا”، التي تعتبر من الأعمال الكلاسيكية لميادة الحناوي. يظهر هذا الاختيار الفني استعداد أصالة لتلافي الخلافات السابقة والتركيز على الجانب الفني والثقافي للموسيقى.
تعد ميادة الحناوي من الفنانين السوريين الكبار، حيث اكتشفها محمد عبد الوهاب وسطع نجمها في عالم الغناء منذ ذلك الحين. وقد تعاونت ميادة مع عدد من كبار الملحنين مثل الموجي وبليغ حمدي، وقد حققت نجاحاً كبيراً بأغانٍ مثل “أنا بعشقك” و”الحب الي كان” و”مش عوايدك” و”نعمة النسيان”.
وفي هذا السياق، أطلق الإعلامي اللبناني محمد بديع سريبة عليها لقب “مطربة الجيل”، وكتب لها بليغ حمدي بعض الأغاني التي أسهمت في جعل صوتها محبوباً ومعروفاً. واستمرت أغانيها في الانتشار والتأثير حيث غناها عدد من الفنانين اللبنانيين والمصريين.
من جانبها، قدمت أصالة أداءً استثنائيًا في حفلها بمهرجان الموسيقى العربية في الأوبرا، حيث قدمت أغنية “الورد البلدي” تكريمًا لزوجها الفنان فائق، وفاجأت الجمهور بلحظة مؤثرة خلال أدائها لأغنية “يا دلع”، حيث توقفت وطلبت من الفرقة الموسيقية التوقف، ثم توجهت إلى زوجها معبّرة عن حبها بكلمات “وعد يا فائق”.
وفي لحظة مثيرة أخرى، اعتذرت أصالة عن تأخرها في الحفل بسبب مشكلة فنية، وعلى الرغم من ذلك، أشعرت الجمهور بالفرح بحضورها، معبرة عن سعادتها بوجودهم. تلك اللحظات الفنية والإنسانية تجسدت في إحياء أصالة لهذا الحفل الاستثنائي، حيث تمكنت من ربط الجمهور بصوتها الرائع وأدائها المؤثر. وبهذا السياق، يظهر أن أصالة قد قررت أن تتجاوز الخلافات السابقة وتجمع بين الفن والتسامح في تجربة فنية لا تُنسى.
المزيد من المعلومات
العلاقة بين أصالة والفنانين السوريين، وخاصة مع ميادة الحناوي، كانت موضوعًا للحديث الواسع في الوسط الفني لفترة طويلة. يعود هذا الانقسام إلى الأحداث السياسية الكبيرة في سوريا والتي أثرت على مواقف الفنانين تجاه الأوضاع في بلادهم. تباينت الآراء بين الفنانين بناءً على مواقفهم من الأحداث والتطورات السياسية.
من بين الفنانين السوريين الذين كانوا في خلاف مع أصالة كان الفنان جورج وسوف، الذي يعد أيضًا من أيقونات الطرب العربي. كما تبنى وسوف وميادة الحناوي مواقف تعارضت مع تصريحات أصالة بخصوص الأحداث في سوريا.
مع انقضاء الوقت، بدا أن أصالة قد اتخذت قرارًا بالتصالح والتلافي من الخلافات السابقة، وذلك من خلال إحيائها لأغاني ميادة الحناوي في حفلها بدار الأوبرا. يُظهر ذلك رغبة أصالة في تقديم رسالة فنية تحمل روح الفن والوحدة، تاركةً وراءها الماضي الذي شهد تباينًا في الآراء.
فيما يتعلق بأغاني ميادة الحناوي، فإن تراثها الفني غني ومتنوع، وقد استمرت في إبهار الجماهير عبر الأجيال. يعتبر الثنائي الشهير بليغ حمدي وعبد الرحيم منصور من بين أبرز الكتّاب والملحّنين الذين ساهموا في بناء هذا التراث الفني الرائع.
لم تكتف أصالة بإحياء أغاني ميادة الحناوي فقط، بل قدمت أيضًا باقة من أعمالها الخاصة والتي تجسد مسارها الفني الرائع، مثل “أنا بعشقك” و”مش عوايدك”، وبهذا السياق، أعادت إحياء الذكريات الجميلة وألهمت الجماهير بأدائها المميز.
تظهر هذه اللحظة الفنية في حفل الموسيقى العربية في الأوبرا وكأنها محطة هامة في مسيرة أصالة الفنية، حيث انتقلت من خلالها من مرحلة الخلافات إلى مرحلة التلافي والتقديم للفن بأبهى صوره. يعكس هذا التحول قدرة الفن على تجاوز الصعاب والبناء على جسور الفهم والتواصل بين الفنانين وجمهورهم.