مرض أبو كعب: الأسباب والعلاج

مرض أبو كعب (التهاب الغدد اللعابية) – الأسباب، الأعراض، الوقاية والعلاج

مقدمة

يعد مرض “أبو كعب” أو “التهاب الغدد اللعابية” (Mumps) من الأمراض الفيروسية المعدية التي تصيب الغدد اللعابية، وتسبب تورمًا مؤلمًا في منطقة الفك تحت الأذن. وعلى الرغم من أن هذا المرض كان شائعًا بشكل كبير في الماضي، إلا أن التطعيمات الحديثة قد ساهمت بشكل كبير في تقليص انتشاره. ومع ذلك، لا يزال أبو كعب يشكل تهديدًا للصحة العامة، خاصة في المناطق التي تعاني من انخفاض معدلات التغطية بالتطعيم.

الأسباب

ينجم مرض أبو كعب عن فيروس يُسمى “فيروس النكاف” (Mumps virus)، وهو أحد الفيروسات التي تنتمي إلى عائلة الفيروسات المصفوفة (Paramyxoviridae). هذا الفيروس ينتقل عادة عن طريق الرذاذ التنفسي أو من خلال التواصل المباشر مع الشخص المصاب. قد يحدث الانتقال من خلال العطس أو السعال أو حتى ملامسة الأسطح الملوثة بالفيروس.

فيروس النكاف يهاجم بشكل رئيسي الغدد اللعابية، وهي الغدد التي تفرز اللعاب في الفم. ومع ذلك، يمكن أن يؤثر الفيروس أيضًا على أجهزة أخرى في الجسم مثل الدماغ، الخصيتين، المبايض، البنكرياس، والكلى.

الأعراض

تبدأ أعراض مرض أبو كعب عادة بعد فترة حضانة تتراوح من 14 إلى 25 يومًا من التعرض للفيروس. قد تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة، وتظهر على النحو التالي:

1. تورم الغدد اللعابية: أكثر الأعراض شيوعًا في مرض أبو كعب هو تورم الغدد اللعابية، ويظهر ذلك بشكل رئيسي في الجانبين السفليين من الفك تحت الأذن. يتسبب هذا التورم في شعور بالألم والضغط في المنطقة المتأثرة، وقد يكون غير مريح للغاية.

2. حمى: ارتفاع درجة الحرارة هو أحد الأعراض المبدئية التي قد تظهر لدى المصاب. قد تتراوح الحمى من خفيفة إلى معتدلة في معظم الحالات.

3. ألم عند البلع: بسبب تورم الغدد اللعابية، يعاني المصاب من صعوبة وألم عند بلع الطعام أو الشراب.

4. صداع: قد يصاحب مرض أبو كعب صداع شديد، وهذا قد يكون نتيجة للتورم الناتج عن الفيروس.

5. ألم في العضلات: غالبًا ما يعاني المصاب بفيروس النكاف من ألم عضلي عام يشعر به في أنحاء متعددة من الجسم.

6. إرهاق: شعور بالتعب الشديد والإرهاق قد يصاحب المرض، وهو أمر شائع في العديد من الأمراض الفيروسية.

7. التهاب الخصيتين (التهاب الخصية): في الحالات الأكثر شدة، يمكن أن يصاب الذكور بتورم مؤلم في الخصيتين (أو ما يُعرف بالتهاب الخصية). قد يؤدي هذا إلى العقم في بعض الحالات النادرة، رغم أن هذا ليس شائعًا.

8. التهاب المبايض (في النساء): قد يحدث التهاب المبايض أيضًا، والذي قد يسبب أعراضًا مشابهة لتلك التي تحدث عند التهاب الخصيتين لدى الذكور.

9. التهاب الدماغ: في بعض الحالات، قد يصاب الشخص المصاب بفيروس النكاف بالتهاب الدماغ (التهاب الدماغ)، والذي يسبب أعراضًا مثل الصداع الشديد، القيء، التشنجات، والتغيرات في الحالة العقلية. هذا يعد من المضاعفات النادرة ولكنه شديد الخطورة.

الوقاية

أهم وسيلة للوقاية من مرض أبو كعب هي التطعيم. تم تطوير لقاح فعال ضد فيروس النكاف والذي يعتبر جزءًا من التطعيم الثلاثي (MMR) الذي يشمل أيضًا لقاحات الحصبة والحصبة الألمانية. عادةً ما يُعطى هذا اللقاح للأطفال في سن 12-15 شهرًا مع جرعة إضافية في سن 4-6 سنوات.

من الجدير بالذكر أن اللقاح ضد النكاف فعال للغاية في الوقاية من المرض، ولكن لا يوفر حماية بنسبة 100%. لذلك، قد يحدث بعض الحالات النادرة من الإصابة بالفيروس حتى في الأشخاص الذين تم تطعيمهم.

إلى جانب التطعيم، يُنصح باتباع بعض الإجراءات الوقائية الأخرى، مثل:

• تجنب الاتصال المباشر مع الأشخاص المصابين بفيروس النكاف.

• غسل اليدين بشكل متكرر لتقليل خطر انتقال الفيروس.

• استخدام المناديل عند السعال أو العطس لتجنب انتشار الرذاذ المصاب.

• عزل المصابين: يجب على المصابين بالمرض البقاء في المنزل وتجنب الاختلاط بالآخرين حتى يتعافوا تمامًا لتقليل انتشار المرض.

العلاج

لا يوجد علاج محدد لمرض أبو كعب، بما أن المرض ينجم عن فيروس، والعديد من العلاجات التي يتم استخدامها تهدف إلى تخفيف الأعراض وتقليل المضاعفات. يشمل العلاج ما يلي:

1. المسكنات: يمكن استخدام مسكنات الألم مثل الأسيتامينوفين (الباراسيتامول) أو الإيبوبروفين لتخفيف الألم والحمى.

2. الراحة: يعد أخذ قسط كافٍ من الراحة أمرًا مهمًا لمساعدة الجسم على التعافي.

3. السوائل: من المهم الحفاظ على ترطيب الجسم وتناول السوائل بانتظام، خصوصًا في حالة الحمى أو عندما يصعب بلع الطعام.

4. الكمادات الباردة: قد تساعد الكمادات الباردة على تقليل التورم والآلام المصاحبة لالتهاب الغدد اللعابية.

5. الاستشارة الطبية: في حالات معينة، مثل التهاب الخصيتين أو التهاب الدماغ، قد يتطلب الأمر علاجًا متخصصًا أو متابعة طبية دقيقة.

المضاعفات

على الرغم من أن معظم حالات أبو كعب تكون خفيفة وتشفى من تلقاء نفسها، إلا أن المرض قد يتسبب في بعض المضاعفات الخطيرة في حالات نادرة، مثل:

• التهاب الخصيتين: قد يؤدي إلى عقم دائم في حالات نادرة.

• التهاب الدماغ: وهو مضاعف نادر لكنه خطير.

• التهاب البنكرياس: قد يتسبب في آلام في البطن وحمى.

• التهاب الأذن الوسطى: قد يؤدي إلى ألم في الأذن وفقدان مؤقت للسمع.

التشخيص

يتم تشخيص مرض أبو كعب عادة بناءً على الأعراض السريرية، مثل تورم الغدد اللعابية والألم في الفك. في بعض الحالات، قد يتم إجراء فحوصات مخبرية لتأكيد التشخيص، مثل:

• اختبارات الدم: للكشف عن وجود الأجسام المضادة للفيروس في الدم.

• اختبارات البول أو اللعاب: للكشف عن الفيروس في عينات من البول أو اللعاب.

الخاتمة

يُعد مرض أبو كعب من الأمراض التي كانت في السابق شائعة بين الأطفال والكبار على حد سواء. ومع تقدم علم الطب وظهور اللقاحات الفعّالة، أصبح من الممكن الوقاية من هذا المرض بشكل كبير. على الرغم من أن معظم الحالات تكون خفيفة وتزول من تلقاء نفسها، إلا أنه يجب أن يتم التعامل مع أي حالات إصابة بعناية لتجنب المضاعفات. باتباع إجراءات الوقاية والتطعيمات المناسبة، يمكن تقليل انتشار هذا المرض وحماية الأفراد والمجتمعات من أضراره.