آلام الظهر عند النساء: الأسباب والعلاج

آلام الظهر عند النساء: الأسباب، الأنواع، الوقاية والعلاج

تُعَدّ آلام الظهر من المشكلات الصحية الشائعة التي تعاني منها نسبة كبيرة من النساء في مختلف مراحل أعمارهن. وعلى الرغم من أن آلام الظهر قد تصيب كلاً من الرجال والنساء، إلا أن النساء يتعرضن لهذه الآلام بنمط مختلف نتيجة لاختلاف التركيبة البيولوجية والهرمونية، بالإضافة إلى عوامل نمط الحياة، الحمل، التغيرات الهرمونية الشهرية، والضغط النفسي المستمر. هذا المقال يقدم دراسة معمقة وشاملة عن أسباب آلام الظهر عند النساء، أنواعها، العوامل المساهمة، الطرق الوقائية والعلاجية، بالإضافة إلى التوصيات الطبية الحديثة المدعومة بأدلة علمية.

أولاً: نظرة تشريحية على العمود الفقري وعلاقته بالألم

يتكون العمود الفقري من 33 فقرة متصلة بأربطة وغضاريف، ويمر من خلاله الحبل الشوكي، ما يجعله مركزاً حيوياً لحركة الجسم وتوازنه. تقسيم العمود الفقري إلى أربع مناطق رئيسية (العنقية، الصدرية، القَطَنية، والعَجُزِيّة) يساعد على تحديد مصدر الألم بدقة. آلام الظهر عادة ما تتركز في المنطقة القَطَنية (أسفل الظهر) وهي أكثر المناطق تحملاً للضغط والوزن.

ثانياً: الأسباب الشائعة لآلام الظهر عند النساء

1. الحمل والتغيرات الهرمونية المرتبطة به

الحمل يزيد الضغط على أسفل الظهر نتيجة زيادة الوزن وتغيّر مركز الجاذبية. كما تؤدي التغيرات الهرمونية، وخاصة ارتفاع مستوى الريلاكسين (Relaxin)، إلى ارتخاء الأربطة والمفاصل، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالشد العضلي وآلام أسفل الظهر.

2. الحيض ومتلازمة ما قبل الدورة الشهرية (PMS)

خلال الدورة الشهرية، تعاني بعض النساء من تقلصات شديدة وآلام في أسفل الظهر، نتيجة لتقلصات الرحم وزيادة حساسية الأعصاب. كما أن احتباس السوائل قد يزيد من الشعور بالثقل في منطقة الحوض والظهر.

3. هشاشة العظام وانخفاض كثافة العظام

مع التقدم في العمر، تصبح النساء أكثر عرضة لهشاشة العظام بسبب انخفاض مستويات الإستروجين بعد انقطاع الطمث، ما يؤدي إلى ضعف الفقرات وسهولة تكسرها، وبالتالي الشعور بالألم المزمن.

4. الأعمال المنزلية والمجهود البدني الزائد

أداء الأعمال المنزلية المتكررة مثل رفع الأشياء الثقيلة أو الانحناء المستمر قد يُجهد عضلات الظهر ويسبب الالتهاب أو الشد العضلي المزمن.

5. السمنة وزيادة الوزن

الوزن الزائد يُمثل حملاً إضافياً على العمود الفقري، ويزيد من فرص الإصابة بانزلاق غضروفي أو تآكل الأقراص الغضروفية بين الفقرات.

6. الضغوط النفسية والتوتر العصبي

الإجهاد النفسي يؤثر على العضلات، وقد يسبب انقباضها بطريقة لا إرادية، خصوصاً عضلات الكتف والظهر، مما يؤدي إلى ظهور آلام غير مفسرة طبياً.

ثالثاً: أنواع آلام الظهر عند النساء

رابعاً: العلاقة بين آلام الظهر وأمراض النساء

بعض الأمراض النسائية تسبب آلاماً في الظهر كعرض رئيسي، ومن أهمها:

• بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis): تؤدي إلى نمو غير طبيعي لبطانة الرحم خارج الرحم، وغالباً ما تتسبب في ألم مزمن في الحوض والظهر.

• التكيسات المبيضية: الضغط الناتج عن الكيس على الأنسجة المجاورة قد ينعكس كألم في الظهر.

• التهابات الحوض المزمنة (PID): تؤثر على الرحم والمبايض وقنوات فالوب، وتُسبب ألماً ينتشر إلى أسفل الظهر.

• الأورام الليفية الرحمية: يمكن أن تضغط على الأعصاب المحيطة وتسبب آلاماً تمتد إلى الظهر.

خامساً: العوامل المؤثرة على شدة وتكرار الألم

• العمر: تزداد احتمالية الألم مع التقدم في السن، خاصة بعد انقطاع الطمث.

• مستوى النشاط البدني: قلة الحركة تُضعف العضلات، بينما الأنشطة العنيفة قد تسبب إصابات.

• نوع العمل: الأعمال المكتبية أو المنزلية التي تتطلب جلوساً طويلاً أو انحناءً متكرراً ترفع من خطر الإصابة.

• التاريخ الوراثي: وجود تاريخ عائلي من أمراض العمود الفقري أو الهشاشة يزيد من الخطورة.

• التغذية: نقص الكالسيوم أو فيتامين D يؤثر على صحة العظام والمفاصل.

سادساً: الوقاية من آلام الظهر عند النساء

• اتباع وضعية جلوس صحيحة: الحفاظ على استقامة الظهر وعدم التراخي عند الجلوس أو الوقوف.

• ممارسة تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن: مثل تمارين البلانك، اليوغا، والسباحة.

• تفادي الأحذية ذات الكعب العالي لفترات طويلة: لأنها تؤثر سلباً على توازن الجسم والعمود الفقري.

• التحكم في الوزن: تخفيف الوزن يقلل الضغط على الفقرات القَطَنية.

• التغذية الصحية: الاعتماد على أطعمة غنية بالكالسيوم، البروتين، وفيتامين D.

سابعاً: طرق العلاج الطبي والتكميلي

1. العلاج الدوائي

• مسكنات الألم مثل الباراسيتامول أو الإيبوبروفين.

• مرخيات العضلات عند وجود تشنج عضلي.

• مكملات الكالسيوم وفيتامين D لعلاج الهشاشة.

2. العلاج الفيزيائي

• تقنيات التمدد والعلاج الكهربائي.

• التمارين العلاجية بإشراف متخصص في العلاج الطبيعي.

3. العلاج الجراحي

يُستخدم كحل أخير في حالات الانزلاق الغضروفي أو تضييق القناة الشوكية، إذا فشل العلاج التحفظي.

4. العلاج السلوكي والمعرفي

يُستخدم في الحالات التي يكون فيها الألم مرتبطاً بالضغط النفسي أو الاكتئاب.

5. العلاج التكميلي

• جلسات الوخز بالإبر.

• العلاج بتقويم العمود الفقري (Chiropractic).

• جلسات المساج العميق.

ثامناً: دور نمط الحياة في تقليل آلام الظهر

التحول إلى نمط حياة نشط ومتوازن له دور كبير في التخفيف من حدة آلام الظهر والوقاية من تكرارها. ومن ذلك:

• تنظيم ساعات النوم والحصول على راحة كافية.

• تجنب التدخين لما له من تأثير على صحة العظام.

• الحفاظ على ترطيب الجسم بشرب كمية كافية من الماء.

• تجنب حمل الأثقال بطرق خاطئة.

تاسعاً: آلام الظهر خلال فترات الحياة المختلفة للمرأة

عاشراً: متى يجب التوجه إلى الطبيب؟

تشمل المؤشرات التحذيرية الخطيرة التي تتطلب تدخلاً طبياً عاجلاً:

• ألم لا يتحسن بعد أسابيع من الراحة.

• ألم يمتد إلى الساق مع تنميل أو ضعف عضلي.

• صعوبة في التحكم بالمثانة أو الأمعاء.

• وجود ارتفاع في الحرارة أو فقدان غير مبرر للوزن.

المصادر العلمية:

1. National Institute of Neurological Disorders and Stroke – Low Back Pain Fact Sheet.

2. American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG) – Women’s Health and Back Pain.