أسباب وعلاج ارتفاع وظائف الكبد

ارتفاع وظائف الكبد: الأسباب، التشخيص والعلاج

تعد الكبد أحد الأعضاء الأساسية في جسم الإنسان، حيث تلعب دوراً مهماً في العديد من الوظائف الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الجسم وسلامته. من بين هذه الوظائف، تأتي وظيفة الكبد في تكسير المواد السامة وتخزين الطاقة وتنظيم مستوى السكر في الدم وتنظيم عمليات الهضم. وعندما تتعرض الكبد لضرر أو خلل وظيفي، يمكن أن يظهر ذلك من خلال ارتفاع في مستويات بعض الإنزيمات والبروتينات في الدم التي يتم إفرازها بواسطة الكبد، وهي ما تعرف بـ “ارتفاع وظائف الكبد”. يعد هذا الارتفاع من المؤشرات المهمة التي قد تنذر بوجود مشكلة صحية في الكبد أو الأعضاء المجاورة له.

في هذا المقال، سنتناول بشكل مفصل الأسباب المحتملة لارتفاع وظائف الكبد، كيفية تشخيصه، الطرق المختلفة لعلاج هذه الحالة، بالإضافة إلى أهمية الحفاظ على صحة الكبد بشكل عام.

ما هي وظائف الكبد؟

قبل التطرق إلى أسباب ارتفاع وظائف الكبد، من الضروري أن نفهم أولاً دور الكبد في الجسم. الكبد هو أكبر غدة في جسم الإنسان، ويؤدي العديد من الوظائف الحيوية التي تشمل:

1. تنقية الدم من السموم: الكبد يعمل على تصفية المواد السامة والمخلفات من الدم، مثل الأدوية والكحول والفضلات الناتجة عن عمليات التمثيل الغذائي.

2. إفراز الصفراء: تساعد الصفراء في هضم الدهون في الأمعاء الصغيرة. الصفراء تحتوي على الأملاح الصفراوية التي تلعب دوراً مهماً في تفكيك الدهون.

3. تخزين الفيتامينات والمعادن: يقوم الكبد بتخزين العديد من الفيتامينات (مثل الفيتامينات A و D و B12) والمعادن (مثل الحديد والنحاس) التي يحتاجها الجسم.

4. تنظيم مستوى السكر في الدم: الكبد يقوم بتخزين الجلوكوز في شكل جليكوجين، وعند الحاجة، يتم تحويل الجليكوجين إلى جلوكوز لإطلاقه في مجرى الدم.

5. إنتاج البروتينات: يقوم الكبد بإنتاج العديد من البروتينات المهمة مثل الألبومين وعوامل التجلط التي تساعد في الحفاظ على صحة الدم.

6. التمثيل الغذائي للأدوية والمركبات الكيميائية: الكبد يساهم في تكسير الأدوية والعقاقير وتحويلها إلى صور يمكن للجسم التخلص منها.

ما هو ارتفاع وظائف الكبد؟

يتم قياس صحة الكبد عادة من خلال اختبار وظائف الكبد (Liver Function Tests – LFTs) الذي يقيس مستوى عدة إنزيمات وبروتينات في الدم. عندما تكون هناك مشكلة في الكبد، ترتفع مستويات هذه المواد في الدم. تشمل بعض الإنزيمات التي يتم قياسها في هذا الاختبار:

1. الإنزيمات الكبدية: مثل الإنزيمات المحولة للأمين (ALT) و الإنزيمات الفوسفاتية القلوية (ALP) و الأسبرتات أمينوترانسفيراز (AST).

2. البيليروبين: مادة ناتجة عن تكسير كريات الدم الحمراء وتعتبر من العلامات المهمة التي قد تدل على مشكلة في الكبد.

3. الألبومين: البروتين الرئيسي الذي ينتجه الكبد ويستخدم لموازنة السوائل داخل الأوعية الدموية.

4. عوامل التجلط: مثل البروثرومبين الذي يعتمد إنتاجه على صحة الكبد.

عند ارتفاع هذه المستويات، يمكن أن يشير ذلك إلى أن الكبد يعاني من ضرر أو التهابات أو اضطرابات تؤثر في أدائه.

أسباب ارتفاع وظائف الكبد

تتنوع أسباب ارتفاع وظائف الكبد، ويمكن أن يكون ذلك بسبب حالات بسيطة قد تكون مؤقتة أو حالات مزمنة تتطلب علاجاً طويلاً. نعرض في ما يلي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع وظائف الكبد:

1. الأمراض الكبدية المزمنة

• التهاب الكبد الفيروسي: التهاب الكبد الوبائي A، B، أو C من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع إنزيمات الكبد. يمكن أن يؤدي التهاب الكبد الفيروسي إلى تدمير خلايا الكبد والتسبب في تدهور وظائفه.

• التهاب الكبد الدهني غير الكحولي: يحدث عندما تتراكم الدهون في خلايا الكبد بشكل غير طبيعي، مما يؤدي إلى التهاب وضعف في وظائف الكبد. يعتبر من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع الإنزيمات في الدم.

• التليف الكبدي: نتيجة لتراكم الندبات في الكبد بسبب التهابات مزمنة أو تعاطي كميات كبيرة من الكحول أو التهاب الكبد الفيروسي، يؤدي التليف الكبدي إلى تدهور في أداء الكبد وارتفاع في مستويات إنزيماته.

2. التسمم أو التفاعلات الدوائية

العديد من الأدوية يمكن أن تؤدي إلى تسمم الكبد أو التسبب في التهاب الكبد. بعض الأدوية قد تضر بالكبد بشكل مباشر وتسبب ارتفاع إنزيماته. من أبرز الأدوية التي قد تؤدي إلى ارتفاع وظائف الكبد:

• مسكنات الألم مثل أسيتامينوفين.

• أدوية مضادة للبكتيريا مثل الإيزونيازيد (الذي يستخدم لعلاج السل).

• أدوية مضادة للفطريات.

• أدوية لعلاج السرطان.

3. مشاكل في الأوعية الدموية

• ارتفاع ضغط الدم البابي: يحدث عندما يحدث انسداد في الأوعية الدموية التي تغذي الكبد، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم داخل الكبد وبالتالي ارتفاع إنزيمات الكبد.

• تجلط الدم داخل الكبد: قد تؤدي الجلطات الدموية إلى تلف الكبد وارتفاع إنزيماته.

4. الأمراض المناعية

• التهاب الكبد المناعي الذاتي: حيث يهاجم الجهاز المناعي خلايا الكبد باعتبارها أجساماً غريبة، مما يؤدي إلى التهاب الكبد وارتفاع إنزيماته.

• الذئبة الحمراء: مرض مناعي قد يؤدي إلى تلف الأنسجة بما في ذلك الكبد.

5. الإصابة بالسرطان

قد يؤدي سرطان الكبد أو الأورام الأخرى التي تؤثر على الكبد إلى زيادة في إنزيمات الكبد، حيث يؤثر الورم على الأنسجة الكبدية ويؤدي إلى تدميرها.

6. تناول الكحول بكميات كبيرة

يعتبر الكحول من العوامل المدمرة للكبد إذا تم تناوله بكميات كبيرة، حيث يؤدي إلى التهاب الكبد، وتليفها في مراحل لاحقة.

تشخيص ارتفاع وظائف الكبد

يتم تشخيص ارتفاع وظائف الكبد عن طريق مجموعة من الاختبارات المخبرية السريعة التي تساعد في تحديد مستوى الإنزيمات والبروتينات في الدم، وتحديد مدى الضرر الذي قد لحق بالكبد. أهم هذه الاختبارات تشمل:

1. اختبار وظائف الكبد (LFTs): يقيس مستويات الإنزيمات مثل ALT و AST، بالإضافة إلى البروتينات مثل الألبومين والبيليروبين.

2. اختبار الأجسام المضادة: في حالة الاشتباه في التهاب الكبد المناعي الذاتي أو التهاب الكبد الفيروسي، قد يُطلب إجراء اختبارات لقياس الأجسام المضادة في الدم.

3. التصوير الطبي: مثل الأشعة فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan) لرؤية حالة الكبد وتشخيص التليف أو الأورام.

4. التنظير الكبدي: إجراء يستخدم لتقييم درجة التليف الكبدي ووجود تليف أو التهاب حاد.

5. خزعة الكبد: في حالات نادرة قد يتطلب الطبيب أخذ عينة من الكبد لفحصها تحت المجهر.

علاج ارتفاع وظائف الكبد

علاج ارتفاع وظائف الكبد يعتمد بشكل كبير على السبب الأساسي لارتفاع هذه الإنزيمات. قد يشمل العلاج مجموعة من الأساليب التي تتراوح من العلاج الدوائي إلى تغيير نمط الحياة، ومنها:

1. علاج الأمراض المسببة

• علاج التهاب الكبد الفيروسي: يتطلب تناول أدوية مضادة للفيروسات، مثل الأدوية التي تستخدم في علاج التهاب الكبد الوبائي C، أو التطعيم ضد التهاب الكبد A و B.

• علاج التهاب الكبد الدهني: يشمل التحكم في الوزن، اتباع نظام غذائي صحي، وتقليل استهلاك الكحول، بالإضافة إلى الأدوية التي تساعد في تحسين وظائف الكبد.

2. تغيير نمط الحياة

• التقليل من استهلاك الكحول: يجب تجنب الكحول تماماً إذا كان سبب ارتفاع إنزيمات الكبد هو تناول الكحول بكميات كبيرة.

• اتباع نظام غذائي متوازن: تناول نظام غذائي غني بالخضروات والفواكه وتجنب الأطعمة التي تحتوي على دهون مشبعة أو السكريات المكررة.

• ممارسة الرياضة: يساعد النشاط البدني المنتظم في تحسين صحة الكبد والوقاية من الأمراض المتعلقة به.

3. الأدوية

في بعض الحالات، قد يتم استخدام أدوية لخفض مستويات إنزيمات الكبد. هذه الأدوية تعتمد على نوع المرض المسبب للارتفاع وقد تتضمن أدوية مضادة للفيروسات، أدوية مضادة للدهون