أسباب وعلاج ارتفاع السكر في الدم

ارتفاع نسبة السكر في الدم: الأسباب، الأعراض، والعلاج

يعد ارتفاع نسبة السكر في الدم، أو ما يُعرف علمياً بفرط سكر الدم، من الحالات الصحية التي تؤثر على العديد من الأشخاص في مختلف أنحاء العالم. وهو يحدث عندما تتراكم مستويات الجلوكوز (السكر) في الدم بشكل يتجاوز المعدلات الطبيعية. يتسبب هذا في العديد من المخاطر الصحية إذا لم يتم التحكم فيه بشكل جيد، بما في ذلك مشاكل في الأوعية الدموية، والكلى، والأعصاب، والعيون. يعد هذا المقال بمثابة دليل شامل لفهم هذا الموضوع، مع التركيز على الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج المتاح.

1. ما هو ارتفاع نسبة السكر في الدم؟

يُعرف ارتفاع نسبة السكر في الدم بارتفاع مستويات الجلوكوز في الدم فوق الحد الطبيعي. يعد الجلوكوز المصدر الرئيسي للطاقة للجسم، ويأتي بشكل رئيسي من الأطعمة التي تحتوي على الكربوهيدرات. عندما يتناول الشخص الطعام، يتحول هذا الطعام إلى جلوكوز يدخل الدم. في الحالة الطبيعية، يساعد هرمون الأنسولين، الذي تفرزه الغدد البنكرياسية، في نقل الجلوكوز من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كمصدر للطاقة.

لكن في حالات ارتفاع مستوى السكر في الدم، إما أن الجسم لا ينتج ما يكفي من الأنسولين أو أن الخلايا لا تستجيب له بشكل صحيح، مما يؤدي إلى تراكم الجلوكوز في الدم.

2. أسباب ارتفاع نسبة السكر في الدم

2.1 مرض السكري

يعد مرض السكري من النوع الأول والنوع الثاني من أبرز أسباب ارتفاع نسبة السكر في الدم. في السكري من النوع الأول، يعجز الجسم عن إنتاج الأنسولين بسبب مهاجمة الجهاز المناعي لخلايا البنكرياس المنتجة لهرمون الأنسولين. أما في السكري من النوع الثاني، فالجسم يصبح مقاومًا لتأثيرات الأنسولين، مما يتسبب في عدم قدرة الخلايا على امتصاص الجلوكوز بشكل فعال.

2.2 مقاومة الأنسولين

تعتبر مقاومة الأنسولين من الحالات التي تساهم بشكل كبير في ارتفاع مستوى السكر في الدم. في هذه الحالة، لا تستجيب خلايا الجسم بشكل جيد للأنسولين، مما يسبب تراكم الجلوكوز في الدم. تعتبر السمنة وقلة النشاط البدني من العوامل الرئيسية التي تساهم في تطوير مقاومة الأنسولين.

2.3 التغذية غير الصحية

النظام الغذائي غير المتوازن والغني بالسكريات والكربوهيدرات المعالجة يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم. الأطعمة مثل الحلوى والمشروبات الغازية يمكن أن تسبب ارتفاعًا سريعًا في مستويات الجلوكوز، ما يجهد البنكرياس لإفراز المزيد من الأنسولين.

2.4 التوتر والضغوط النفسية

التوتر والضغوط النفسية من العوامل التي تؤثر على مستويات السكر في الدم. عندما يشعر الجسم بالتوتر، يفرز هرمونات مثل الأدرينالين والكورتيزول، التي قد تؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم عن طريق تحفيز الكبد على إفراز مزيد من الجلوكوز.

2.5 قلة النشاط البدني

ممارسة الرياضة بشكل منتظم تساعد الجسم على استخدام الجلوكوز بفعالية أكبر. قلة النشاط البدني يمكن أن تساهم في زيادة مقاومة الأنسولين، وبالتالي ارتفاع مستويات السكر في الدم.

2.6 بعض الأدوية

بعض الأدوية قد تساهم في زيادة مستوى السكر في الدم. من هذه الأدوية: الأدوية الستيرويدية والمضادة للاكتئاب وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم.

2.7 أمراض أخرى

يمكن لبعض الأمراض الأخرى مثل أمراض الكلى، وأمراض الغدة الدرقية، وأمراض القلب أن تسهم في حدوث ارتفاع مستويات السكر في الدم. في بعض الحالات، قد تتسبب العدوى أو الأمراض المزمنة في زيادة مستوى السكر نتيجة لتغيرات في استجابة الجسم.

3. الأعراض المصاحبة لارتفاع السكر في الدم

من المهم التعرف على الأعراض المبكرة لارتفاع نسبة السكر في الدم لكي يتم التدخل في الوقت المناسب. تتفاوت شدة الأعراض حسب درجة الارتفاع في مستوى السكر في الدم. قد تشمل الأعراض:

3.1 العطش المفرط (البول السكري)

عندما يرتفع مستوى السكر في الدم، يبدأ الجسم في محاولة التخلص من الجلوكوز الزائد عن طريق البول. وهذا يؤدي إلى زيادة العطش، حيث يحاول الجسم تعويض السوائل المفقودة.

3.2 كثرة التبول

نتيجة لفقدان السوائل الزائدة عن طريق البول، قد يعاني الشخص من التبول المفرط. هذه الظاهرة تعرف بالبول السكري.

3.3 التعب والإرهاق

ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى شعور عام بالتعب والإرهاق، حيث أن خلايا الجسم لا تحصل على كفايتها من الجلوكوز لاستخدامه كمصدر للطاقة.

3.4 فقدان الوزن غير المبرر

على الرغم من تناول الطعام بشكل طبيعي، قد يعاني الشخص من فقدان الوزن نتيجة لفقدان الماء، واستخدام الجسم للدهون والبروتينات كمصادر للطاقة بدلاً من الجلوكوز.

3.5 تشوش الرؤية

ارتفاع السكر في الدم قد يؤدي إلى تورم العدسة في العين، مما يسبب تشوشًا في الرؤية. إذا تركت هذه الحالة دون علاج، فقد تؤدي إلى مشاكل دائمة في الرؤية.

3.6 التهابات متكررة

يرتبط ارتفاع مستوى السكر في الدم بزيادة احتمالية الإصابة بالعدوى، خاصة في الجلد والمسالك البولية. يسبب السكر الزائد بيئة مثالية لنمو البكتيريا والفطريات.

3.7 بطء في شفاء الجروح

ارتفاع مستويات السكر في الدم يمكن أن يؤثر على قدرة الجسم على الشفاء من الجروح والإصابات بشكل سريع.

4. تشخيص ارتفاع نسبة السكر في الدم

لتشخيص ارتفاع مستوى السكر في الدم، يُستخدم عدة اختبارات وفحوصات، أبرزها:

4.1 اختبار الجلوكوز العشوائي في الدم

يتم فحص مستوى السكر في الدم في أي وقت خلال اليوم، بغض النظر عن الوقت الذي تم فيه تناول الطعام. إذا كان مستوى الجلوكوز فوق 200 ملغ/ديسيلتر، فإن ذلك قد يشير إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم.

4.2 اختبار الجلوكوز الصائم

يُجرى هذا الاختبار بعد صيام الشخص لمدة 8 ساعات. إذا كان مستوى الجلوكوز في الدم 126 ملغ/ديسيلتر أو أعلى، فإن ذلك يشير إلى وجود حالة من ارتفاع السكر في الدم.

4.3 اختبار تحمل الجلوكوز الفموي

يتم خلال هذا الاختبار تناول الشخص محلول جلوكوز ثم قياس مستوى السكر في الدم بعد ساعتين. إذا كان مستوى السكر أكثر من 200 ملغ/ديسيلتر، فإن ذلك يدل على الإصابة بارتفاع السكر.

4.4 اختبار الهيموغلوبين السكري (A1C)

يقيس هذا الاختبار متوسط مستوى السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية. إذا كان المستوى أكثر من 6.5%، فإن ذلك يشير إلى احتمال وجود ارتفاع في مستوى السكر.

5. العلاج وطرق إدارة ارتفاع السكر في الدم

5.1 تغيير نمط الحياة

أحد أهم العوامل التي تساعد في التحكم في مستوى السكر في الدم هو تعديل نمط الحياة. يشمل ذلك:

• النظام الغذائي المتوازن: من الضروري تناول غذاء غني بالألياف، الفواكه، الخضروات، والحبوب الكاملة. كما يجب تقليل تناول الأطعمة المعالجة والمشروبات السكرية.

• ممارسة الرياضة بانتظام: تساعد التمارين الرياضية على تحسين حساسية الأنسولين وتقليل مستويات السكر في الدم.

• فقدان الوزن: يساعد فقدان الوزن الزائد في تحسين قدرة الجسم على التعامل مع السكر بشكل أفضل.

5.2 الأدوية

في حالات مرض السكري من النوع الثاني أو ارتفاع السكر المزمن، قد يصف الطبيب أدوية لتنظيم مستوى السكر في الدم. من أبرز الأدوية المستخدمة:

• أدوية تحفيز إفراز الأنسولين: مثل الأدوية التي تحتوي على السلفونيل يوريا.

• الأنسولين: في حالات السكري من النوع الأول وبعض حالات النوع الثاني، يتم استخدام الأنسولين للتحكم في مستويات الجلوكوز.

• أدوية أخرى: مثل مثبطات DPP-4، وأدوية الأدوية المعتمدة على GLP-1، وأدوية مثبطات SGLT2.

5.3 مراقبة مستويات السكر في الدم

من المهم متابعة مستويات السكر في الدم بانتظام للتأكد من أن الأدوية أو العلاجات الأخرى تعمل بشكل فعال.

5.4 العلاج النفسي

علاج التوتر والقلق يلعب دورًا كبيرًا في إدارة مستويات السكر في الدم. تقنيات مثل التأمل، واليوغا، والتمارين التنفسية قد تساعد في تقليل تأثير التوتر على مستويات السكر.

6. مضاعفات ارتفاع نسبة السكر في الدم

إذا لم تتم إدارة ارتفاع مستوى السكر في الدم بشكل فعال، فقد تؤدي الحالة إلى العديد من المضاعفات الصحية الخطيرة:

6.1 مشاكل في القلب والأوعية الدموية

يعد الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع نسبة السكر في الدم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية.

6.2 أمراض الكلى

ارتفاع السكر في الدم يضع ضغطًا كبيرًا على الكلى،