أسباب وخز القدمين

يُعد وخز القدمين من الأعراض الشائعة التي قد يعاني منها الكثير من الأشخاص في مراحل مختلفة من حياتهم. هذا الشعور الذي يشبه النبض أو الدبابيس والإبر تحت الجلد، يمكن أن يكون عرضًا مؤقتًا وغير مقلق في بعض الأحيان، لكنه قد يشير في حالات أخرى إلى وجود مشكلة صحية تحتاج إلى تشخيص وعلاج دقيق. في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل الأسباب المختلفة لوخز القدمين، مع التركيز على الجوانب الطبية والعصبية والدور الذي تلعبه العوامل البيئية والنمط الحياتي.

التعريف الطبي لوخز القدمين

الوخز في القدمين هو إحساس غير طبيعي، يتراوح بين التنميل، الإحساس بالدبابيس والإبر، الحرقان، أو حتى فقدان الإحساس في بعض الحالات. قد يحدث الوخز بشكل مفاجئ أو تدريجي، وقد يستمر لفترات قصيرة أو طويلة. طبيًا، يطلق على هذا الشعور “Pareesthesia”، وهو اضطراب في الإحساس ناتج عن تأثيرات على الأعصاب الطرفية أو الجهاز العصبي المركزي.

الأسباب العصبية لوخز القدمين

1. اعتلال الأعصاب الطرفية (Peripheral Neuropathy)

يُعتبر اعتلال الأعصاب الطرفية من أكثر الأسباب شيوعًا لوخز القدمين، وهو تلف يصيب الأعصاب التي تنقل الإشارات من وإلى الأطراف. هذا التلف قد يكون ناتجًا عن أسباب متعددة مثل:

• داء السكري: من أكثر الأمراض تسببًا في تلف الأعصاب، حيث تؤدي مستويات السكر المرتفعة إلى تلف الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الأعصاب.

• نقص الفيتامينات: خاصة فيتامين B12 وB6 والفولات، حيث تساهم هذه الفيتامينات في دعم وظيفة الأعصاب.

• التعرض للسموم: كالكحول أو بعض الأدوية التي قد تسبب أضرارًا للأعصاب.

• الأمراض الالتهابية والمناعية: مثل التهاب الأعصاب الناتج عن أمراض المناعة الذاتية كالتصلب المتعدد أو الذئبة الحمراء.

2. انضغاط الأعصاب (Nerve Compression)

الضغط على الأعصاب بسبب حالات طبية معينة يؤدي إلى وخز وتنميل في القدمين، ومن أشهر هذه الحالات:

• انزلاق غضروفي في العمود الفقري القطني: حيث يضغط القرص المنزلق على الأعصاب التي تصل إلى القدمين.

• متلازمة النفق الرسغي في القدم (Tarsal Tunnel Syndrome): يشبه إلى حد كبير متلازمة النفق الرسغي في اليد، حيث يضغط النفق الضيق على العصب الذي يمر أسفل الكاحل.

• ضغط الأعصاب نتيجة الإصابات أو الجلطات الدموية أو الأورام.

3. الأمراض العصبية المزمنة

بعض الأمراض العصبية المزمنة قد تسبب وخز القدمين بشكل مستمر، مثل:

• التصلب المتعدد: مرض مناعي يؤثر على الغلاف الواقي للأعصاب في الجهاز العصبي المركزي.

• الاعتلال العصبي الناتج عن الفيروسات: مثل فيروس الهربس النطاقي.

الأسباب الدموية والوعائية لوخز القدمين

1. ضعف تدفق الدم

يؤدي ضعف تدفق الدم إلى الأطراف إلى شعور بالوخز والتنميل، ومن أهم أسباب ضعف الدورة الدموية:

• تصلب الشرايين: تضيق الشرايين يقلل من تدفق الدم للأطراف.

• مرض الانسداد الشرياني الطرفي: حيث تتكون جلطات دموية في الشرايين الطرفية تؤدي إلى تقليل وصول الدم.

• الجلطات الدموية: في أوردة الساق أو الشرايين.

• مرض السكري: يؤثر أيضًا على الأوعية الدموية مما يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية.

2. قصور الأوردة

تراكم الدم في الأوردة الطرفية بسبب ضعف الصمامات الوريدية يسبب ضغطًا على الأعصاب الطرفية، مما يؤدي إلى شعور بالوخز.

الأسباب الميكانيكية والبيئية

1. الوضعية الخاطئة

الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة بوضعيات غير صحيحة يمكن أن يضغط على الأعصاب والأوعية الدموية في القدمين، مسببة وخزًا مؤقتًا. من أشهر الأمثلة:

• الجلوس مع ثني القدم أو تقاطع الساقين لفترة طويلة.

• ارتداء أحذية ضيقة تسبب ضغطًا على الأعصاب أو الأوعية الدموية.

2. التعرض للبرودة

التعرض لفترات طويلة للبرودة يؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية في القدمين، ما يسبب ضعف تدفق الدم وتنميلًا مصحوبًا بوخز.

الأسباب الطبية الأخرى

1. نقص المعادن والفيتامينات

كما ذُكر سابقًا، نقص بعض الفيتامينات والمعادن يؤثر على صحة الأعصاب، مثل:

• فيتامين B12: نقصه يؤدي إلى تلف الأعصاب الطرفية والتنميل.

• المغنيسيوم: يؤثر نقصه على وظيفة الأعصاب والعضلات.

• الحديد: نقص الحديد يؤدي إلى فقر الدم، والذي قد يسبب أيضًا تنميلًا.

2. أمراض الغدة الدرقية

خلل الغدة الدرقية، سواء كقصور أو فرط نشاط، يؤثر على الأيض ووظائف الأعصاب، مما قد يؤدي إلى وخز في الأطراف.

3. التسمم والسموم

التعرض لبعض المواد السامة، مثل الرصاص، الزئبق، أو الكحول، يؤدي إلى تلف الأعصاب وتنميل في القدمين.

4. الأدوية

بعض الأدوية مثل أدوية العلاج الكيميائي، أدوية مضادات الفيروسات، وبعض المضادات الحيوية تسبب تأثيرًا سامًا على الأعصاب.

التمييز بين الوخز المؤقت والمزمن

الوخز المؤقت

يحدث الوخز المؤقت عادة بسبب ضغط مؤقت على الأعصاب أو ضعف تدفق الدم، ويختفي عند تغيير الوضعية أو التخلص من السبب.

الوخز المزمن

يستمر لفترات طويلة ويشير غالبًا إلى وجود مرض مزمن أو تلف عصبي يحتاج إلى علاج طبي، مثل السكري أو التصلب المتعدد.

الفحوصات والتشخيص

لتحديد السبب الدقيق لوخز القدمين، يحتاج الطبيب إلى:

• التاريخ المرضي المفصل: معرفة متى بدأ الوخز، هل هو مستمر أم متقطع، هل يصاحبه أعراض أخرى.

• الفحص السريري: للكشف عن ضعف العضلات، فقدان الإحساس، أو تغيرات في ردود الأفعال العصبية.

• الفحوصات المعملية: مثل فحوصات دم لتقييم مستوى السكر، فيتامين B12، وظائف الغدة الدرقية، ومستويات المعادن.

• التصوير الطبي: مثل الرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية لتحديد وجود انزلاق غضروفي أو ضغط على الأعصاب.

• دراسات التوصيل العصبي (Nerve conduction studies): لتقييم وظيفة الأعصاب.

علاج وخز القدمين

1. علاج السبب الأساسي

يركز العلاج على معالجة السبب الكامن، مثل:

• ضبط مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري.

• تعويض نقص الفيتامينات والمعادن.

• علاج اضطرابات الغدة الدرقية.

• إزالة الضغط على الأعصاب من خلال تعديل الوضعيات أو الجراحة في حالات الانزلاق الغضروفي.

2. العلاج الدوائي

• الأدوية المسكنة للألم العصبي مثل الجابابنتين أو البريجابالين.

• في بعض الحالات، يمكن استخدام مضادات الالتهاب أو مرخيات العضلات.

3. العلاج الطبيعي

التمارين الرياضية وتحسين اللياقة البدنية تساهم في تحسين الدورة الدموية وتقوية العضلات ودعم الأعصاب.

4. التعديلات الحياتية

• ارتداء أحذية مريحة.

• تجنب الجلوس بوضعيات خاطئة لفترات طويلة.

• الحفاظ على وزن صحي لتقليل الضغط على الأعصاب.

جدول يوضح بعض الأسباب الشائعة لوخز القدمين وأعراضها والعلاجات المقترحة

الخلاصة

يُعد وخز القدمين عرضًا له أسباب متعددة ومتنوعة، تبدأ من الأسباب البسيطة الميكانيكية وصولاً إلى الأمراض المزمنة والمعقدة التي تتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا متخصصًا. فهم السبب الأساسي وراء هذا الشعور يساعد على اختيار الطريقة العلاجية الأنسب وتحسين جودة الحياة. العناية بالنظام الغذائي، تجنب العوامل الضاغطة على الأعصاب، ومتابعة الحالة الصحية بشكل دوري يساهمان في تقليل احتمالية حدوث هذا العرض أو تفاقمه.