أسباب وحلول إرهاق الاجتماعات الافتراضية

4 أسباب لإرهاق الاجتماعات الافتراضية وحلولها

في عالم الأعمال الحديث، أصبحت الاجتماعات الافتراضية جزءًا لا يتجزأ من الروتين اليومي للعديد من المحترفين حول العالم. ومع الانتقال إلى بيئة العمل عن بُعد، وخاصة بعد تفشي جائحة كورونا، أصبح التواصل عبر الإنترنت ضرورة لا غنى عنها. لكن رغم الفوائد العديدة لهذه الاجتماعات مثل توفير الوقت والجهد، إلا أن هناك تأثيرات سلبية أصبحت شائعة، أبرزها ظاهرة “إرهاق الاجتماعات الافتراضية”. هذه الظاهرة، التي تعد من بين الآثار الجانبية غير المرغوب فيها للعمل عن بُعد، تسببت في العديد من التحديات التي تؤثر على الإنتاجية والصحة النفسية للمشاركين. سنتناول في هذا المقال أربعة أسباب رئيسية لهذا الإرهاق بالإضافة إلى الحلول التي يمكن أن تساعد في التخفيف من حدته.

1. الإفراط في الاجتماعات وعدم التركيز

أحد الأسباب الرئيسية لإرهاق الاجتماعات الافتراضية هو الإفراط في عقد الاجتماعات. في بيئة العمل الرقمية، أصبح من السهل تنظيم اجتماعات متعددة يوميًا، حيث يمكن لأي شخص تحديد موعد اجتماع بسرعة عبر أدوات مثل Zoom أو Microsoft Teams. هذا التوافر المستمر للاجتماعات يعنى أن الموظفين قد يضطرون إلى حضور عدة جلسات في اليوم الواحد، مما يؤدي إلى استنزاف طاقتهم العقلية والبدنية. والأسوأ من ذلك، أن العديد من هذه الاجتماعات تفتقر إلى أهداف واضحة أو محاور مركزة، مما يجعلها تميل إلى التمدد وتستغرق وقتًا أطول من اللازم.

الحلول:

• تقليل عدد الاجتماعات: من المهم تحديد مواعيد اجتماعات فعالة ومختصرة. يمكن تحسين التواصل عبر البريد الإلكتروني أو الأدوات التعاونية مثل Slack أو Asana بدلاً من عقد اجتماعات متعددة.

• وضع جدول زمني محدد: ينبغي تحديد وقت محدد للاجتماعات، مع التأكد من أن الجميع يعرف المواضيع التي سيتم مناقشتها مسبقًا. يساهم هذا في جعل الاجتماع أكثر فعالية ويساعد على الحفاظ على التركيز.

• التوقف عن الاجتماعات غير الضرورية: ليس كل قرار يتطلب عقد اجتماع. يمكن بعض المواضيع أن يتم معالجتها عبر التوثيق أو المحادثات الفردية.

2. التوتر البصري والإرهاق الذهني

إحدى أكبر المشاكل التي يواجهها المشاركون في الاجتماعات الافتراضية هي “التوتر البصري”. يتطلب التفاعل عبر الفيديو من المشاركين أن يظلوا أمام شاشات الكمبيوتر لساعات طويلة، مما يسبب إجهادًا في العينين. كما أن الاضطرار إلى التركيز على تعبيرات الوجه وحركات الجسم للأشخاص في الشاشة يمكن أن يكون مرهقًا للغاية. هذا التوتر البصري يؤثر بشكل كبير على الإنتاجية، حيث يصبح الأفراد أقل قدرة على التركيز ويشعرون بالإرهاق الذهني.

الحلول:

• التناوب بين الاجتماعات الافتراضية والاتصال الصوتي: يمكن تقليل إجهاد العينين عن طريق تقليل الاجتماعات التي تتطلب تشغيل الفيديو، أو السماح للمشاركين باستخدام الاتصال الصوتي فقط عندما يكون ذلك مناسبًا.

• استخدام فترات استراحة منتظمة: من الضروري أخذ فترات راحة قصيرة بين الاجتماعات للابتعاد عن الشاشة. يمكن أن يساعد هذا في تقليل الضغط على العينين والجهاز العصبي.

• التقليل من الاجتماعات طويلة الأمد: ينبغي تجنب الاجتماعات التي تتجاوز الساعتين. إذا كان الاجتماع طويلاً، يمكن تقسيمه إلى جلسات أقصر وأكثر فاعلية.

3. الانقطاع والتشويش التكنولوجي

في بيئة العمل الافتراضية، غالبًا ما يتعرض الموظفون لمشاكل تتعلق بالتكنولوجيا، مثل الاتصال البطيء أو انقطاع الإنترنت أو أعطال في برامج الاجتماعات. هذه المشاكل التكنولوجية لا تؤدي فقط إلى تأخير الاجتماعات ولكن تساهم أيضًا في زيادة التوتر والشعور بالإحباط. يمكن أن تكون هذه الانقطاعات محبطة وتسبب الشعور بالإرهاق، خاصة عندما تتكرر بشكل مستمر.

الحلول:

• تحسين الاتصال التكنولوجي: يجب على الشركات التأكد من أن جميع المشاركين في الاجتماعات لديهم الأدوات اللازمة لضمان تجربة سلسة. يمكن تحسين الاتصال بالإنترنت، واستخدام أجهزة ذات قدرة عالية، والتأكد من تحديث البرامج.

• تخصيص وقت للتحضير التكنولوجي: من المهم التأكد من أن كل مشارك في الاجتماع على دراية بكيفية استخدام الأداة التقنية المخصصة للاجتماع قبل الموعد المحدد. يمكن تخصيص خمس دقائق من كل اجتماع لاختبار الاتصال وضبط الإعدادات.

• استخدام النسخ الاحتياطي للتكنولوجيا: ينبغي أن يكون هناك خطط طوارئ للتعامل مع الأعطال التكنولوجية، مثل تقديم الاجتماع عبر الهاتف المحمول أو منصات أخرى.

4. عدم وجود تفاعل اجتماعي حقيقي

من أكثر الأشياء التي تفتقر إليها الاجتماعات الافتراضية هي التفاعل الاجتماعي المباشر بين الأفراد. في الاجتماعات التقليدية، يتفاعل الأشخاص بشكل طبيعي عبر لغة الجسد والتلميحات غير اللفظية، مما يساعد في بناء علاقات العمل بشكل أسرع وأكثر فعالية. في الاجتماعات عبر الفيديو، يقل هذا التفاعل، مما يؤدي إلى شعور بالعزلة أو الوحدة، ويزيد من الضغط النفسي للموظفين. هذا النقص في التفاعل الاجتماعي يعزز الشعور بالإرهاق، حيث يشعر الأفراد أنهم فقط في مواجهة لآلات التواصل.

الحلول:

• تشجيع التفاعل الشخصي: يمكن للشركات تحسين التجربة الافتراضية عن طريق تخصيص وقت للاجتماعات الاجتماعية غير الرسمية، مثل “المقاهي الافتراضية” أو فترات استراحة جماعية، حيث يمكن للمشاركين التفاعل بشكل غير رسمي.

• الاستفادة من الأنشطة التفاعلية: إضافة أنشطة أو تمارين تفاعلية إلى الاجتماعات يمكن أن يساعد في تجديد النشاط الذهني ويشجع التفاعل بين الموظفين. يمكن تنظيم أنشطة جماعية مثل الألعاب عبر الإنترنت أو الجلسات التفاعلية الصغيرة.

• إظهار التقدير والتفاعل العاطفي: ينبغي على القادة تعزيز التفاعل العاطفي مع أعضاء الفريق من خلال التعبير عن التقدير والاهتمام، ما يسهم في بناء روح الفريق ويقلل من الشعور بالعزلة.

الخاتمة

تعتبر الاجتماعات الافتراضية ضرورية في بيئة العمل الحديثة، خاصة مع الانتقال المستمر نحو العمل عن بُعد. ومع ذلك، فإن الإرهاق الناتج عن هذه الاجتماعات ليس أمرًا يمكن تجاهله. الإفراط في الاجتماعات، التوتر البصري، المشاكل التكنولوجية، وغياب التفاعل الاجتماعي هي بعض الأسباب التي تجعل هذه الاجتماعات تصبح عبئًا على المشاركين. لكن من خلال تبني حلول فعالة مثل تقليل عدد الاجتماعات، تحسين التكنولوجيا، وإعادة إشراك الأفراد بشكل اجتماعي، يمكن تقليل هذه الآثار السلبية. يتطلب الأمر تغييرات بسيطة في طريقة تنظيم الاجتماعات وتفاعل المشاركين لتقليل الشعور بالإرهاق وتحقيق بيئة عمل أكثر إنتاجية وراحة.