في أي شهر تقل حركة الجنين؟
تعتبر حركة الجنين واحدة من أهم المؤشرات التي تراقبها الأم خلال فترة الحمل، حيث تعد دليلًا على صحة الجنين وتطوره. تختلف حركات الجنين من مرحلة إلى أخرى خلال الحمل، وقد تلاحظ الأم تغيرات في وتيرة الحركة أو قلة في النشاط في بعض الأحيان. هذه التغيرات قد تكون مصدرًا للقلق بالنسبة للبعض، لذلك من المهم فهم الأسباب الكامنة وراء هذه التغيرات وفهم التوقيت الذي قد تشهد فيه الأم انخفاضًا في حركة الجنين.
في هذا المقال، سنتناول كافة الجوانب المتعلقة بتقليل حركة الجنين، من حيث الأسباب المحتملة، والتوقيت الذي يحدث فيه ذلك، والكيفية التي يمكن للأم التعامل معها بشكل صحيح. سنستعرض هذه الجوانب بشكل موسع، مستندين إلى الدراسات العلمية والملاحظات الطبية المتعلقة بهذا الموضوع.
1. مراحل الحمل وتطور حركة الجنين
منذ بداية الحمل وحتى موعد الولادة، يمر الجنين بعدد من المراحل التي تؤثر بشكل مباشر على حركاته داخل رحم الأم. وعادة ما تكون الحركة في البداية خفيفة وغير محسوسة للأم، لكن مع تقدم الحمل، تصبح هذه الحركات أكثر وضوحًا.
المرحلة الأولى: الأسبوع 8-12
في الأسابيع الأولى من الحمل، يبدأ الجنين في الحركة داخل الرحم، لكن حركاته تكون صغيرة جدًا ولا يمكن للأم أن تشعر بها. في هذه الفترة، تكون الأعضاء الجنينية في طور التطور والنمو، مما يقلل من المساحة المتاحة له للتحرك بشكل كبير.
المرحلة الثانية: الأسبوع 16-25
خلال هذه الفترة، تبدأ حركة الجنين بالزيادة بشكل ملحوظ. في الأسبوع 16 إلى 20، يمكن للأم أن تشعر بحركة الجنين لأول مرة، والتي تُعرف بحركة “الركلات” أو “الحركات الأولى”. في هذا الوقت، يبدأ الجنين في التطور بشكل أكبر، حيث تتشكل أطرافه وأعضاؤه بشكل نهائي، ما يجعله أكثر قدرة على الحركة. تصبح هذه الحركات أكثر وضوحًا ويمكن أن تشعر الأم بحركات قوية مع تقدم الحمل.
المرحلة الثالثة: الأسبوع 26-32
في هذه المرحلة، تكون حركة الجنين أكثر نشاطًا وقوة. يبدأ الجنين في تحريك ذراعيه وساقيه بشكل أكبر، ويمكن للأم أن تشعر بحركات واضحة ومستمرة. في الأسبوع 28، قد تكون الحركات أكثر تنوعًا، حيث تشمل الركلات واللكمات، ويمكن أن تشعر الأم بحركة الجنين في جميع أجزاء بطنها.
المرحلة الرابعة: الأسبوع 33-40
في الأسابيع الأخيرة من الحمل، تبدأ الحركات في التغيير بشكل ملحوظ. بالرغم من أن الجنين لا يزال يتحرك، إلا أن الحركة قد تصبح أقل وضوحًا وأكثر محدودية. السبب في ذلك يعود إلى أن الجنين في هذه المرحلة يزداد حجمه ويشغل مساحة أكبر في الرحم، ما يقلل من قدرته على التحرك بحرية كما كان الحال في الأسابيع السابقة.
2. أسباب تقلص حركة الجنين
قد تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى قلة حركة الجنين في مراحل الحمل المختلفة، وهذه الأسباب قد تكون طبيعية أو ناتجة عن حالات صحية تستدعي الانتباه. من المهم أن تراقب الأم أي تغييرات غير عادية في حركة الجنين، مثل توقف الحركة تمامًا لفترة طويلة.
1. زيادة حجم الجنين
عند اقتراب نهاية الحمل، يزداد حجم الجنين ويبدأ في استغلال معظم المساحة داخل الرحم. نتيجة لذلك، تصبح الحركات أكثر تقييدًا بسبب قلة المساحة المتاحة للجنين للتحرك بحرية. في هذه المرحلة، قد تشعر الأم بحركات أقل ولكنها لا تدل بالضرورة على مشكلة صحية.
2. وضع الجنين داخل الرحم
أحيانًا قد يكون وضع الجنين داخل الرحم سببًا لتقليل الحركة. في حال كان الجنين في وضع مريح بالنسبة له، قد يكون أقل نشاطًا. على سبيل المثال، قد يكون الجنين في وضعية معقدة مثل وضعية المقعدة أو وضعية الجبهة إلى أسفل، ما يجعله أقل قدرة على الحركة بشكل كبير.
3. مستوى السائل الأمنيوسي
السائل الأمنيوسي هو السائل الذي يحيط بالجنين داخل الرحم، ويعزز حركته ويعطيه مساحة للتمدد والتحرك. انخفاض مستوى السائل الأمنيوسي قد يسبب ضيقًا للجنين، مما يقلل من حركته. يحدث هذا أحيانًا نتيجة لعدد من الأسباب مثل مشاكل في المشيمة أو عوامل طبية أخرى.
4. تراجع نشاط الجنين بسبب النوم
كما أن الأطفال بعد الولادة، ينام الجنين داخل الرحم أيضًا. خلال النوم العميق، قد يقل نشاط الجنين بشكل مؤقت، مما يجعل الحركات أقل وضوحًا. وهذا غالبًا ما يكون طبيعيًا، حيث أن حركة الجنين عادة ما تعود إلى وتيرتها الطبيعية بعد الاستيقاظ من فترة نومه.
5. المشكلات الصحية للجنين
في بعض الحالات النادرة، قد يكون قلة الحركة مؤشرًا على مشكلة صحية. قد تشمل هذه المشكلات الإعاقة العصبية أو مشاكل في القلب أو انخفاض مستوى الأوكسجين. في حال لاحظت الأم تغيرًا ملحوظًا في حركة الجنين، ينبغي عليها استشارة الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من صحة الجنين.
3. متى يصبح قلة الحركة أمرًا مقلقًا؟
عادةً ما تبدأ الحركة في التناقص في الشهر التاسع من الحمل، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة وجود مشكلة. ولكن هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى ضرورة استشارة الطبيب. إذا لاحظت الأم قلة الحركة بشكل مفاجئ أو توقف الحركة تمامًا لأكثر من 24 ساعة، فيجب أن تتوجه فورًا إلى المستشفى أو إلى الطبيب المختص.
قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات مثل الموجات فوق الصوتية (السونار) أو مراقبة نبضات الجنين لفحص حالته الصحية. إذا كان الجنين يعاني من مشكلة صحية، فإن الأطباء يمكنهم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامته وسلامة الأم.
4. كيفية مراقبة حركة الجنين
من المهم أن تكون الأم على دراية بكيفية مراقبة حركة الجنين وتوثيقها. يمكن أن تستخدم الأم طريقة “ساعات الحركة”، والتي تنطوي على مراقبة عدد الحركات التي يشعر بها الجنين في فترة زمنية محددة. في معظم الحالات، يكون الجنين نشطًا خلال ساعات معينة من اليوم.
إذا لاحظت الأم أي تغيير في نمط الحركة، مثل قلة الحركة أو توقفها، يجب أن تسجل هذه التغييرات وتناقشها مع الطبيب لتحديد ما إذا كان هناك حاجة إلى إجراء المزيد من الفحوصات.
5. الختام
إن تقليل حركة الجنين في الأشهر الأخيرة من الحمل قد يكون أمرًا طبيعيًا نتيجة لتغيرات في حجم الجنين أو وضعه داخل الرحم. ومع ذلك، ينبغي على الأم دائمًا مراقبة أي تغييرات غير طبيعية في حركة الجنين، والتوجه للطبيب إذا كان هناك أي قلق. فهم التغيرات الطبيعية التي تحدث في حركة الجنين يمكن أن يساعد الأم في التعامل مع هذه المواقف بطمأنينة ومعرفة متى يجب اتخاذ إجراءات احترازية.
