أسباب قرحة المعدة وعلاجها

قرحة المعدة: الأسباب وطرق الوقاية والعلاج

تُعد قرحة المعدة من المشكلات الصحية الشائعة التي تصيب الجهاز الهضمي وتسبب ألمًا شديدًا وإزعاجًا للمريض. هي جرح في بطانة المعدة أو الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة، وعادة ما ينتج عن تآكل الطبقة المخاطية الواقية للمعدة بفعل عدة عوامل. قد تتطور القرحة مع مرور الوقت إذا لم يتم علاجها، ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا تركت دون تدخل طبي. في هذا المقال، سيتم استعراض الأسباب الرئيسية لقرحة المعدة، علاقتها بالعوامل البيئية والوراثية، وأحدث طرق الوقاية والعلاج.

أسباب قرحة المعدة

تعتبر القرحة المعدية من الأمراض المزمنة التي تؤثر على فئات عمرية مختلفة، وقد تكون الأسباب وراء هذه المشكلة متعددة ومعقدة. يمكن تقسيم الأسباب إلى عوامل داخلية وخارجية تؤدي إلى تلف الجدار المعدي.

1. العدوى بالبكتيريا (هيليكوباكتر بيلوري)

أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الإصابة بقرحة المعدة هو العدوى ببكتيريا هيليكوباكتر بيلوري، وهي نوع من البكتيريا التي تعيش في المعدة وتستطيع مقاومة الأحماض التي تفرزها المعدة. هذه البكتيريا تسبب تهيجًا في الغشاء المخاطي للمعدة، مما يؤدي إلى تآكل الأنسجة وتكوين القرح.

العدوى بـهيليكوباكتر بيلوري تنتقل غالبًا عبر المياه أو الطعام الملوث أو من خلال الاتصال المباشر مع شخص مصاب. الدراسات الحديثة تشير إلى أن حوالي 50% من سكان العالم يحملون هذه البكتيريا في أجهزتهم الهضمية، ولكن ليس كل من يحملها يعاني من القرحة.

2. استخدام الأدوية المسكنة والمضادة للالتهاب

من الأسباب الشائعة أيضًا للإصابة بقرحة المعدة هي تناول الأدوية المسكنة للألم مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs). تشمل هذه الأدوية الأسبرين، الإيبوبروفين، والنابروكسين، التي تُستخدم عادة لتخفيف الألم وتقليل الالتهاب. تؤثر هذه الأدوية بشكل مباشر على الغشاء المخاطي للمعدة، مما يزيد من احتمال الإصابة بالقرحة.

تعمل الأدوية المسكنة على تقليل إنتاج البروستاجلاندين في الجسم، وهي مواد كيميائية تساعد في حماية المعدة من التأثيرات السلبية للأحماض. عندما يقل إنتاج هذه المواد بسبب تناول الأدوية، تتعرض المعدة للتلف، مما يسهل تكوّن القرح.

3. التدخين

يعتبر التدخين من العوامل المسببة لتلف الأنسجة في الجهاز الهضمي. حيث يمكن أن يؤثر التدخين على عملية الشفاء من القرحة ويزيد من خطر تكرار الإصابة بها. النيكوتين الموجود في السجائر يسبب تهيجًا في الغشاء المخاطي للمعدة ويزيد من إنتاج الأحماض الهضمية. كما يمكن أن يعطل تدفق الدم إلى جدار المعدة، مما يقلل من قدرة المعدة على إصلاح نفسها.

4. الإفراط في شرب الكحول

الكحول، خاصة عند تناوله بكميات كبيرة، يمكن أن يسبب تهيجًا للمعدة ويساهم في تآكل جدار المعدة. الكحول يزيد من إفراز الأحماض الهضمية في المعدة ويقلل من قدرة الغشاء المخاطي على مقاومة هذه الأحماض. هذا التفاعل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم القرحة أو حتى حدوثها في البداية.

5. الإجهاد والتوتر النفسي

على الرغم من أن الإجهاد النفسي ليس سببًا مباشرًا للقرحة، إلا أن الدراسات أظهرت أن التوتر المزمن يمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة بها. الإجهاد يمكن أن يغير من مستويات الحموضة في المعدة ويؤثر على قدرة الغشاء المخاطي على تجديد نفسه. أيضًا، يؤدي الإجهاد إلى زيادة إفراز الأحماض في المعدة، مما يزيد من خطر تآكل الجدار المعدي.

6. عوامل وراثية

يمكن أن تلعب العوامل الوراثية دورًا في زيادة خطر الإصابة بقرحة المعدة. إذا كان هناك تاريخ عائلي للإصابة بالقرحة أو الأمراض المعوية، قد يكون الشخص أكثر عرضة للإصابة. تشير الدراسات إلى أن بعض الأشخاص قد يكون لديهم استعداد وراثي للإصابة بالبكتيريا هيليكوباكتر بيلوري أو لوجود عيوب في آليات دفاع المعدة ضد الأحماض.

7. الطعام غير الصحي

النظام الغذائي الغني بالدهون المشبعة والمقليات والأطعمة الحارة قد يكون له دور في زيادة احتمالية حدوث قرحة المعدة. الأطعمة التي تحتوي على توابل حارة أو زيت طهي ثقيل يمكن أن تهيج بطانة المعدة وتؤدي إلى التهاب مزمن قد يسبب تقرحات. ومع ذلك، لا يعتبر الطعام السبب الرئيسي للقرحة، لكن يمكن أن يسهم في تفاقم الأعراض في الأشخاص الذين يعانون من حساسية المعدة.

الأعراض الشائعة لقرحة المعدة

تتفاوت أعراض قرحة المعدة من شخص لآخر، لكن هناك بعض الأعراض المشتركة التي قد تشير إلى وجود قرحة في المعدة:

• ألم حاد في منطقة البطن: يتمثل الشعور الرئيسي في ألم حارق أو طاعن في الجزء العلوي من البطن، وغالبًا ما يحدث بعد تناول الطعام أو على معدة فارغة.

• عسر الهضم: يمكن أن يشعر المريض بحرقة المعدة، الغثيان، أو الانتفاخ بعد تناول الطعام.

• التقيؤ أو الغثيان: قد يعاني بعض الأشخاص من شعور بالغثيان أو حتى التقيؤ نتيجة للتهيج المستمر في المعدة.

• تغيرات في الشهية: قد يفقد البعض شهيته بسبب الألم المستمر في المعدة.

• وجود دم في البراز أو القيء: في الحالات المتقدمة، قد يظهر الدم في البراز أو القيء، مما يشير إلى تفاقم القرحة وتعرض الأوعية الدموية للتمزق.

التشخيص والعلاج

يشمل تشخيص قرحة المعدة فحصًا سريريًا وتاريخًا طبيًا مفصلاً للمريض. يمكن أن يتطلب الأمر أيضًا إجراء بعض الفحوصات مثل:

• تنظير المعدة: وهو الإجراء الذي يسمح للطبيب بفحص الجدار الداخلي للمعدة باستخدام كاميرا صغيرة.

• اختبار التنفس للبكتيريا (هيليكوباكتر بيلوري): يُستخدم لاكتشاف وجود العدوى بهذه البكتيريا.

• اختبارات الدم أو البراز: يمكن أن تكشف عن وجود نزيف داخلي أو إصابة بالبكتيريا.

أما بالنسبة للعلاج، فإنه يعتمد على السبب الرئيسي للقرحة:

• المضادات الحيوية: في حال كانت البكتيريا هيليكوباكتر بيلوري هي السبب، يُستخدم العلاج بالمضادات الحيوية للقضاء على البكتيريا.

• أدوية مضادة للحموضة: تشمل أدوية مثل مثبطات مضخة البروتون (PPI) أو حاصرات H2 التي تعمل على تقليل إفراز الحمض في المعدة وتخفيف الأعراض.

• الأدوية المسكنة للألم: تستخدم لتخفيف الألم الناتج عن القرحة، لكنها يجب أن تستخدم بحذر لتجنب تفاقم الحالة.

• تغيير نمط الحياة: من المهم الامتناع عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول، بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.

الوقاية من قرحة المعدة

لتقليل خطر الإصابة بقرحة المعدة، يُنصح باتباع بعض العادات الوقائية:

• تجنب الإفراط في تناول الأدوية المسكنة: من الأفضل تجنب استخدام الأدوية المسكنة بشكل مفرط. وفي حال كان لا بد من استخدامها، يجب استشارة الطبيب أولًا.

• تجنب التدخين والكحول: يجب الامتناع عن التدخين وتقليل تناول الكحول لأنه من العوامل المساعدة في حدوث القرحة.

• تحديد مصادر التوتر: تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا يمكن أن تساعد في تقليل التوتر وتحسين صحة الجهاز الهضمي.

• اتباع نظام غذائي صحي: من المفيد تناول أطعمة خفيفة ومتوازنة والابتعاد عن الأطعمة المقلية أو الحارة التي قد تهيج المعدة.

إن الحفاظ على نمط حياة صحي، مع اتباع الإرشادات الطبية، يمكن أن يساهم بشكل كبير في الوقاية من قرحة المعدة وعلاجها بشكل فعال.