أسباب نقص الوزن المفاجئ
يُعدّ فقدان الوزن المفاجئ من المؤشرات الصحية التي تثير القلق، خصوصًا عندما يحدث دون اتباع نظام غذائي معين أو ممارسة تمارين رياضية تهدف إلى ذلك. قد يعكس هذا النوع من التغيرات في الوزن وجود حالة صحية جسدية أو نفسية خفية تستدعي الاهتمام والتشخيص الفوري. من المهم التمييز بين فقدان الوزن الطبيعي الناتج عن تغييرات في نمط الحياة، وبين الفقدان غير المبرر الذي يمكن أن ينذر بأمراض كامنة تتراوح ما بين اضطرابات الغدة الدرقية، وأمراض الجهاز الهضمي، إلى الأمراض المزمنة مثل السرطان أو السكري، فضلًا عن الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق.
في هذا المقال، سيتم تحليل الأسباب الرئيسية لفقدان الوزن المفاجئ بطريقة موسعة، مع التركيز على الخلفيات المرضية والوظائف الفسيولوجية المرتبطة بها، وذلك لتقديم فهم شامل وعلمي يساعد في التوجيه نحو التشخيص المناسب والتعامل الطبي السليم.
أولًا: أسباب جسدية مرضية لفقدان الوزن المفاجئ
1. فرط نشاط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)
فرط نشاط الغدة الدرقية هو حالة تؤدي إلى زيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية، ما يؤدي إلى تسريع عمليات الأيض. الأشخاص المصابون بهذه الحالة قد يلاحظون فقدانًا سريعًا للوزن بالرغم من الشهية المفتوحة وزيادة تناول الطعام. وتشمل الأعراض المصاحبة: التعرق الزائد، الخفقان، العصبية، اضطراب النوم، وضعف العضلات.
2. السرطان
السرطان من أكثر الأسباب المخيفة لفقدان الوزن غير المبرر، خاصةً في مراحله المتقدمة. يعود فقدان الوزن في هذه الحالة إلى عدة عوامل، مثل زيادة استهلاك الطاقة من قبل الخلايا السرطانية، أو فقدان الشهية بسبب الورم، أو التأثيرات الالتهابية العامة التي تضعف الجسم وتؤثر على عمليات الأيض. من أشهر أنواع السرطانات التي تسبب فقدان الوزن: سرطان البنكرياس، الرئة، المعدة، والقولون.
3. داء السكري من النوع الأول
في المراحل المبكرة من داء السكري من النوع الأول، خاصةً قبل التشخيص، يمكن أن يعاني المصاب من فقدان وزن ملحوظ بسبب عدم قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة. فيقوم الجسم بتكسير الدهون والعضلات لتوفير الطاقة، ما يؤدي إلى نقص سريع في الوزن.
4. أمراض الجهاز الهضمي
العديد من اضطرابات الجهاز الهضمي تسبب فقدان الوزن نتيجة ضعف الامتصاص، الإسهال المزمن، أو فقدان الشهية. ومن أبرز هذه الأمراض:
-
داء كرون: مرض التهابي مزمن يصيب الأمعاء.
-
القولون التقرحي.
-
داء السيلياك (حساسية الغلوتين).
-
قرحة المعدة أو التهاباتها.
-
التهابات مزمنة في الكبد أو البنكرياس.
5. الأمراض المعدية المزمنة
بعض الأمراض المعدية مثل السل (الدرن)، فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، أو الالتهابات الفطرية المزمنة، قد تؤدي إلى فقدان الوزن نتيجة للإرهاق العام، والالتهابات المزمنة التي تستهلك طاقة الجسم باستمرار.
6. أمراض القلب والفشل القلبي المزمن
رغم أن العديد من أمراض القلب لا تسبب مباشرةً فقدان الوزن، إلا أن الفشل القلبي في مراحله المتقدمة قد يؤدي إلى ضعف الشهية، سوء الامتصاص، والتعب المستمر، ما يؤدي إلى نقص حاد في الكتلة العضلية وفقدان الوزن.
ثانيًا: الأسباب النفسية والعقلية
1. الاكتئاب
الاكتئاب هو أحد الأسباب الشائعة لفقدان الشهية وبالتالي فقدان الوزن. يعاني المصابون بالاكتئاب من انعدام الحافز لتناول الطعام، أو يجدونه بلا طعم أو فائدة، ما قد يؤدي إلى تقليل تناول السعرات الحرارية اليومية بشكل ملحوظ.
2. اضطرابات الأكل
تشمل:
-
فقدان الشهية العصبي (Anorexia Nervosa): اضطراب نفسي يؤدي إلى الخوف الشديد من اكتساب الوزن ورفض تناول الطعام.
-
النهام العصبي (Bulimia Nervosa): يتمثل في نوبات من الأكل المفرط يتبعها قيء متعمد أو استخدام مفرط للملينات.
-
اضطرابات الأكل الاجتنابي أو الانتقائي.
3. التوتر والقلق المزمن
التوتر المزمن قد يؤدي إلى اضطرابات هرمونية مثل زيادة إفراز الكورتيزول والأدرينالين، مما يؤثر على الشهية ويزيد من معدل حرق السعرات الحرارية، بالإضافة إلى التأثيرات السلوكية مثل فقدان الرغبة في الأكل أو الأرق.
ثالثًا: العوامل المرتبطة بنمط الحياة
1. التمارين الرياضية المفرطة
الانخراط في نشاط بدني مكثف دون تعويض كافٍ للطاقة قد يؤدي إلى استهلاك الجسم للدهون والعضلات للحصول على الطاقة، خاصةً في حالات الرياضات التحملية أو التمارين القاسية بدون تغذية مناسبة.
2. تغييرات في النظام الغذائي
التحول المفاجئ لنظام غذائي نباتي أو نباتي صارم، أو حميات قاسية منخفضة السعرات، دون إشراف تغذوي، يمكن أن يسبب نقصًا في الوزن ومشكلات صحية لاحقة.
3. سوء التغذية
بسبب الفقر، أو الإهمال، أو الانشغال الشديد، قد لا يحصل الشخص على ما يكفي من السعرات أو البروتينات أو الفيتامينات، ما يؤدي إلى تدهور الكتلة العضلية وفقدان الوزن.
رابعًا: الأدوية والعلاج
1. الأدوية التي تسبب فقدان الشهية
بعض الأدوية تؤدي إلى فقدان الشهية كأثر جانبي، وتشمل:
-
مضادات الاكتئاب.
-
أدوية الصرع.
-
أدوية السرطان (العلاج الكيميائي).
-
أدوية مرض باركنسون.
-
بعض المضادات الحيوية طويلة الأمد.
2. العلاج الكيميائي والإشعاعي
يؤدي إلى فقدان الشهية، الغثيان، القيء، اضطرابات الذوق، ومشاكل الامتصاص، وكلها عوامل تساهم في نقص الوزن السريع.
خامسًا: الجدول التفصيلي لبعض الحالات المرتبطة بفقدان الوزن المفاجئ
| السبب الرئيسي | الآلية المحتملة لفقدان الوزن | العلامات المصاحبة |
|---|---|---|
| فرط نشاط الغدة الدرقية | تسريع الأيض رغم تناول الطعام | خفقان، توتر، رعشة، إسهال، حرارة |
| السرطان | استهلاك الطاقة، فقدان شهية، تلف الأنسجة | تعب، ألم موضعي، نزيف، كتل غير طبيعية |
| داء السكري النوع 1 | تكسير الدهون والعضلات بسبب نقص الأنسولين | عطش شديد، تبول مفرط، إرهاق |
| الاكتئاب | فقدان الشهية، قلة الحافز للأكل | حزن دائم، عزلة، اضطرابات نوم |
| التوتر والقلق المزمن | ارتفاع الكورتيزول، قلة شهية، استهلاك طاقة مرتفع | أرق، قلق، مشاكل هضمية |
| داء كرون والسيلياك | سوء امتصاص، إسهال مزمن | ألم بطني، غازات، تعب عام |
سادسًا: متى يجب القلق؟
يُعد فقدان الوزن بمقدار يزيد عن 5% من وزن الجسم خلال 6 أشهر دون سبب واضح مؤشّرًا مهمًا يدعو إلى الاستقصاء الطبي. على سبيل المثال، إذا كان وزن الشخص 70 كغ وفقد أكثر من 3.5 كغ دون تخطيط، فيجب مراجعة الطبيب فورًا.
سابعًا: أهمية التشخيص المبكر والتعامل العلاجي
عند ملاحظة فقدان وزن غير مبرر، يبدأ الطبيب عادةً بسلسلة من الفحوصات لتحديد السبب المحتمل، وتشمل:
-
تحاليل دم كاملة.
-
فحوصات وظائف الكبد والكلى والغدة الدرقية.
-
تحاليل بول وبراز.
-
فحص السكري والصيامي.
-
التصوير بالأشعة أو الأشعة المقطعية أو التنظير حسب الحاجة.
العلاج يعتمد على السبب الكامن، ويكون الهدف الأساسي هو استعادة الوزن الصحي وتحقيق توازن غذائي وجسدي. قد يتطلب ذلك تدخلًا تغذويًا، نفسيًا، أو طبيًا شاملًا.
المراجع:
-
Mayo Clinic – Unexplained Weight Loss.
-
National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases (NIDDK).
