أسباب عدم التعرق وعلاجها

أسباب عدم التعرق

يُعد التعرق عملية حيوية ضرورية للحفاظ على توازن حرارة الجسم وتنظيم الوظائف الفسيولوجية المرتبطة بالجهاز العصبي الذاتي. فعندما يتعرض الجسم لدرجات حرارة مرتفعة أو مجهود بدني أو حالات انفعالية، تبدأ الغدد العرقية بإفراز العرق الذي يتبخر على سطح الجلد ليساهم في تبريد الجسم. إلا أن هناك حالات مرضية معينة يحدث فيها غياب أو انخفاض شديد في التعرق، وهي حالة تُعرف طبياً باسم “انعدام التعرق” أو “نقص التعرق” (Anhidrosis / Hypohidrosis). يعتبر عدم التعرق من الحالات الخطيرة، خاصة في الطقس الحار، لأنه يُفقد الجسم وسيلته الأساسية لتبديد الحرارة، مما قد يؤدي إلى ضربة شمس، تلف في الأعضاء، أو حتى الوفاة في الحالات القصوى.

في هذا المقال سيتم التطرق بالتفصيل إلى أسباب عدم التعرق، آليات حدوثه، الفئات المعرضة له، أنواعه، المضاعفات، أساليب التشخيص، العلاجات المتاحة، ونصائح إدارة الحالة. كما سيتم عرض جدول مقارن لأهم الأسباب الشائعة لغياب التعرق بحسب نوع السبب.

تعريف انعدام التعرق

انعدام التعرق هو حالة لا يستطيع فيها الجسم إفراز العرق بشكل طبيعي. قد تكون الحالة كلية، أي تشمل جميع مناطق الجسم، أو جزئية تشمل مناطق معينة فقط، وغالباً ما تكون ناجمة عن تلف في الأعصاب، أو مشاكل جلدية، أو اضطرابات وراثية أو مكتسبة في الغدد العرقية.

الجدول التالي يُظهر تصنيفاً لأسباب عدم التعرق حسب نوعها:

أولاً: الأسباب العصبية لانعدام التعرق

تُعتبر الاضطرابات العصبية من أكثر الأسباب شيوعاً لانعدام أو ضعف التعرق، وتشمل الحالات التي تؤثر على الجهاز العصبي الذاتي المسؤول عن تنظيم التعرق.

الاعتلال العصبي المحيطي

يحدث هذا غالباً لدى مرضى السكري حيث تتلف الأعصاب المسؤولة عن تحفيز الغدد العرقية، مما يؤدي إلى غياب التعرق في المناطق المصابة.

التصلب المتعدد

أحد أمراض المناعة الذاتية التي تهاجم غلاف المايلين في الجهاز العصبي المركزي. التضرر العصبي يحد من إرسال الإشارات التي تطلق العرق.

متلازمة روس (Ross syndrome)

اضطراب نادر يترافق مع انعدام التعرق في جانب من الجسم وفرط التعرق في جانب آخر، بالإضافة إلى توسع حدقة العين وفقدان ردود الأفعال الوترية.

ثانياً: الأسباب الجلدية

بعض الأمراض الجلدية قد تؤدي إلى تلف مباشر في الغدد العرقية أو انسداد في قنواتها مما يمنع إفراز العرق.

الحروق

الحروق من الدرجة الثانية والثالثة تؤدي إلى تلف دائم في الغدد العرقية في المناطق المتأثرة، مما يمنع التعرق.

الصدفية والتهاب الجلد التأتبي

يسببان سماكة الجلد والتهاب مزمن قد يعيق القنوات العرقية ويمنع خروج العرق.

تصلب الجلد (Scleroderma)

مرض مناعي ذاتي يتميز بتصلب وسماكة الجلد وتليف الأنسجة، مما يحد من وظيفة الغدد العرقية.

ثالثاً: الأسباب الدوائية

توجد مجموعة من الأدوية تؤثر على الجهاز العصبي السمبثاوي أو على مراكز التعرق في الدماغ، مسببة انخفاضاً أو توقفاً في التعرق:

• مضادات الهيستامين: مثل ديفينهيدرامين، قد تُثبط مستقبلات التعرق.

• مضادات الكولين: مثل الأتروبين، تعيق نقل الإشارات العصبية للغدد.

• بعض الأدوية النفسية: مثل الأميتريبتيلين ومضادات الذهان.

يجب دائماً مراجعة الطبيب إذا لوحظ تغير في التعرق بعد تناول دواء جديد.

رابعاً: الأسباب الوراثية

تشمل اضطرابات وراثية نادرة تكون فيها الغدد العرقية غائبة أو غير مكتملة التكوين:

خلل التنسج الأديم الظاهر (EDA)

يولد الطفل من دون غدد عرقية أو بعدد ناقص منها، ويعاني من حرارة مزمنة وعدم قدرة على التعرق.

متلازمة كريست-شينتون (CHAND syndrome)

اضطراب خلقي يشمل مشاكل في الشعر، الأسنان، الغدد العرقية والدموع.

خامساً: الأسباب الهرمونية والتمثيل الغذائي

• قصور الغدة الدرقية: يسبب بطء عام في الأيض، مما يقلل من حرارة الجسم ويضعف التعرق.

• قصور الغدة الكظرية: يؤدي إلى نقص في الألدوستيرون والكورتيزول مما يؤثر على قدرة الجسم على تنظيم الحرارة.

• نقص الحديد والزنك: يلعبان دوراً في وظيفة الغدد العرقية وقد يؤدي نقصهما إلى ضعف التعرق.

سادساً: أسباب مكتسبة غير مرضية

الجفاف

نقص السوائل في الجسم يؤدي إلى تقليل إنتاج العرق كوسيلة للحفاظ على الماء.

التقدم في العمر

مع الشيخوخة، تنخفض حساسية الغدد العرقية وتتناقص قدرتها على الاستجابة للحرارة.

سوء التغذية

الفيتامينات والمعادن ضرورية لصحة الأعصاب والغدد، ونقصها قد يضعف عملية التعرق.

المضاعفات الصحية لانعدام التعرق

يُعد التعرق أداة الجسم الأساسية لتبديد الحرارة، وبالتالي فإن غيابه قد يؤدي إلى ارتفاع مفرط في درجة الحرارة الداخلية:

• ضربة شمس (Heatstroke)

• الدوخة والإغماء

• إرهاق حراري

• تلف الدماغ والكلى في الحالات القصوى

لذا فإن عدم التعرق قد يكون مهدداً للحياة في البيئات الحارة أو أثناء بذل مجهود بدني كبير.

التشخيص الطبي لحالة انعدام التعرق

يتم تشخيص الحالة بناءً على التاريخ الطبي والفحص السريري، وقد يلجأ الأطباء إلى اختبارات خاصة تشمل:

• اختبار التعرق الكمي (QSART): لقياس التعرق الكمي باستخدام محفزات كيميائية.

• اختبار التعرق الحراري: بوضع المريض في غرفة حارة ومراقبة الاستجابة.

• اختبار النشا واليود: يكشف عن مناطق التعرق على الجلد.

• تحاليل الدم: للكشف عن اضطرابات هرمونية أو نقص في المعادن.

• خزعة جلدية: لتقييم حالة الغدد العرقية تحت المجهر.

العلاج والتعامل مع الحالة

لا يوجد علاج شافٍ في كثير من الحالات، لكن يمكن اعتماد مجموعة من الأساليب لتقليل المخاطر وإدارة الأعراض:

أولاً: إدارة الحرارة

• تجنب البيئات الحارة.

• استخدام أجهزة تبريد الهواء.

• ارتداء ملابس خفيفة ومسامية.

• استخدام رذاذات تبريد أو مناشف مبللة.

ثانياً: علاج السبب الأساسي

• تعديل أو إيقاف الأدوية المسببة.

• معالجة الأمراض العصبية والجلدية.

• استخدام المكملات في حالات سوء التغذية أو نقص الفيتامينات.

ثالثاً: العلاج الدوائي

• في بعض الحالات النادرة، يمكن استخدام بيتا-منبهات لتحفيز العرق، لكن فعاليتها محدودة.

• تطبيق كريمات موضعية لتحفيز التعرق في المناطق المصابة.

الوقاية والتكيف

• تجنب الأنشطة المجهدة في الطقس الحار.

• شرب كميات كافية من السوائل.

• تناول غذاء غني بالفيتامينات والمعادن.

• ارتداء قبعات وأقمشة عاكسة للحرارة عند الخروج.

المصادر والمراجع

1. Mayo Clinic. “Anhidrosis – Symptoms and Causes.”

2. National Institute of Neurological Disorders and Stroke (NINDS). “Peripheral Neuropathy Fact Sheet.”