انخفاض درجة حرارة الجسم (أعراضه وأسبابه)
تعتبر درجة حرارة الجسم من العوامل الحيوية التي تتأثر بالعديد من العمليات البيولوجية في الجسم البشري. بقاء درجة حرارة الجسم ضمن نطاق ثابت يعد أمراً بالغ الأهمية لاستمرار العمليات الحيوية بشكل طبيعي. ومع ذلك، قد تحدث حالات غير طبيعية تؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم إلى مستويات قد تكون خطيرة على الصحة. يُعرف انخفاض درجة حرارة الجسم طبياً بـ “الهيبوثيرميا”، وهي حالة تؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم إلى أقل من 35 درجة مئوية. قد ينتج عن هذا الانخفاض عدة أعراض صحية معقدة وقد يصل في الحالات الحادة إلى تهديد الحياة. في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل أسباب انخفاض درجة حرارة الجسم، الأعراض المصاحبة لها، والطرق المتبعة لعلاجها.
مقدمة عن درجة حرارة الجسم الطبيعية
تتراوح درجة حرارة الجسم الطبيعية للإنسان ما بين 36.5 إلى 37.5 درجة مئوية. على الرغم من أن درجة حرارة الجسم قد تختلف قليلاً من شخص لآخر، فإن هذه الحدود تُعتبر المعدلات الطبيعية المقبولة. ويعتبر جسم الإنسان نظامًا معقدًا يضمن الحفاظ على هذه الدرجة باستمرار من خلال عمليات فيزيولوجية دقيقة، بما في ذلك التعرق، والتوسع والتقلص للأوعية الدموية، وغيرها من الآليات التي تهدف إلى تنظيم الحرارة الداخلية. أي تغيير ملحوظ في درجة حرارة الجسم سواء بالارتفاع أو الانخفاض قد يؤدي إلى مشاكل صحية تتطلب التدخل الطبي.
تعريف انخفاض درجة حرارة الجسم
انخفاض درجة حرارة الجسم هو انخفاض غير طبيعي لدرجة الحرارة إلى أقل من 35 درجة مئوية. وهو يحدث عندما يفقد الجسم الحرارة بسرعة أكبر مما يستطيع إنتاجها، مما يسبب تأثر الأداء الطبيعي للأعضاء الداخلية. يمكن أن يكون انخفاض درجة حرارة الجسم طفيفًا أو قد يكون شديدًا، وفي بعض الحالات، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل فشل الأعضاء أو الوفاة إذا لم يتم علاج الحالة بسرعة.
أسباب انخفاض درجة حرارة الجسم
يتعدد أسباب انخفاض درجة حرارة الجسم بشكل كبير، وقد يكون نتيجة لتفاعل عوامل بيئية أو فسيولوجية أو مرضية. بعض هذه الأسباب قد تشمل:
-
التعرض للبرد الشديد:
يعد التعرض لفترات طويلة للطقس البارد أحد الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم. خاصة إذا كان الشخص يرتدي ملابس غير كافية أو لا توجد وسائل حماية من الرياح أو المطر. يعد هذا السبب الأكثر شيوعًا في حالات الهيبوثيرميا، خصوصًا في المناطق الجبلية أو الباردة جدًا. -
التسمم بالكحول والمخدرات:
يمكن أن تؤدي المواد مثل الكحول والمخدرات إلى انخفاض حرارة الجسم بشكل غير مباشر. فالكحول، على سبيل المثال، يسبب تمدد الأوعية الدموية مما يؤدي إلى فقدان الحرارة بشكل أسرع. كما أن المخدرات تؤثر على قدرة الجسم في تنظيم درجة حرارته. -
الإصابات:
الإصابات الخطيرة مثل الحروق أو الجروح الكبيرة يمكن أن تؤدي إلى فقدان كبير للحرارة، مما يزيد من احتمال انخفاض درجة حرارة الجسم. كما أن الإصابات التي تؤثر على قدرة الجسم على الحركة قد تؤدي إلى قلة النشاط البدني الذي يساعد في الحفاظ على الحرارة. -
الحالات المرضية:
بعض الأمراض والحالات الصحية قد تساهم في انخفاض درجة حرارة الجسم. من أبرز هذه الحالات:-
التسمم الغذائي أو التسمم الدوائي قد يؤدي إلى تدهور وظيفة الأعضاء وعدم قدرتها على الحفاظ على درجة الحرارة.
-
أمراض الغدة الدرقية، مثل قصور الغدة الدرقية، يمكن أن تؤدي إلى تباطؤ في عملية التمثيل الغذائي وبالتالي إلى انخفاض الحرارة.
-
الإنتان (التسمم الدموي)، حيث يُصاحب أحيانًا انخفاض درجة حرارة الجسم بسبب تفاعل الجسم مع العدوى.
-
مرض السكري، حيث يؤثر على الدورة الدموية ويسبب صعوبة في الحفاظ على الحرارة داخل الجسم.
-
-
نقص التغذية:
الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية أو نقص في الوزن قد يكونون أكثر عرضة لانخفاض درجة حرارة الجسم. ذلك لأن الدهون في الجسم تلعب دورًا في عزل الجسم عن فقدان الحرارة، وعند نقصها، يصبح من الصعب الحفاظ على درجة حرارة ثابتة. -
الشيخوخة:
كبار السن هم أكثر عرضة لانخفاض درجة حرارة الجسم بسبب ضعف في آليات تنظيم الحرارة لديهم. كما أن التغيرات الطبيعية في وظائف الأعضاء مع التقدم في العمر قد تؤثر على قدرة الجسم على إنتاج الحرارة. -
التخدير:
يمكن أن تؤدي بعض الأدوية والمخدرات المستخدمة أثناء العمليات الجراحية إلى انخفاض درجة حرارة الجسم بشكل مؤقت. التخدير العام يمكن أن يسبب ضعفًا في قدرة الجسم على الحفاظ على حرارته. -
السباحة في المياه الباردة:
السباحة في الماء البارد يمكن أن تؤدي إلى انخفاض حاد في درجة حرارة الجسم. إن التعرّض للماء البارد يساهم في فقدان الحرارة بسرعة أكبر من التعرّض للهواء البارد.
أعراض انخفاض درجة حرارة الجسم
تختلف أعراض انخفاض درجة حرارة الجسم بحسب درجة الانخفاض في الحرارة وشدة الحالة. في المراحل المبكرة من انخفاض درجة حرارة الجسم، قد يلاحظ الشخص مجموعة من الأعراض الطفيفة التي قد تتطور بسرعة إلى حالة حرجة. من أهم الأعراض التي قد تظهر:
-
الرجفة أو الاهتزازات: وهي أولى العلامات التي تشير إلى أن الجسم يحاول مقاومة البرودة من خلال تحفيز العضلات على الانقباض والانبساط لإنتاج حرارة.
-
الشعور بالبرد الشديد: رغم ارتداء الملابس الثقيلة أو وجود مصدر حراري، يشعر الشخص بالبرد المستمر.
-
التعب الشديد والضعف: نتيجة لانخفاض درجة حرارة الجسم، قد يشعر الشخص بإرهاق غير مبرر.
-
التشوش العقلي: في مراحل متقدمة من انخفاض درجة الحرارة، يبدأ الشخص في الشعور بالتشوش العقلي، وصعوبة التركيز، وفقدان القدرة على اتخاذ القرارات.
-
النعاس الزائد: قد يشعر الشخص بنعاس مستمر، ويصعب عليه البقاء مستيقظًا.
-
صعوبة في التنفس أو ضعف التنفس: انخفاض حرارة الجسم قد يؤدي إلى بطء التنفس وضعفه.
-
التسارع في ضربات القلب: في الحالات المعتدلة، قد يتسارع نبض القلب بشكل غير طبيعي في محاولة لتعويض فقدان الحرارة.
-
الجلد البارد والشاحب: يصبح الجلد باردًا جدًا وقد يبدو شاحبًا أو مزرقًا.
-
فقدان الوعي: في الحالات الحادة من انخفاض درجة حرارة الجسم، قد يفقد الشخص وعيه تمامًا نتيجة لتأثير البرودة على الدماغ.
تشخيص انخفاض درجة حرارة الجسم
يتم تشخيص انخفاض درجة حرارة الجسم باستخدام مقياس حرارة طبية لقياس درجة الحرارة الداخلية للجسم. وفي حال الشك في وجود الهيبوثيرميا، يتم قياس درجة الحرارة باستخدام مقياس الحرارة المخصص للقياس في الأذن أو المستقيم للحصول على قراءة دقيقة.
علاج انخفاض درجة حرارة الجسم
يجب أن يتم علاج انخفاض درجة حرارة الجسم بسرعة وبشكل دقيق لتجنب حدوث أي مضاعفات خطيرة. يشمل العلاج عادة:
-
إزالة الشخص من البيئة الباردة: يجب نقل الشخص فورًا إلى مكان دافئ وجاف.
-
الاستحمام في الماء الدافئ: يمكن أن يساعد الاستحمام في ماء دافئ (وليس حارًا) في تسريع عملية تسخين الجسم.
-
استخدام بطانيات دافئة: من الضروري تدفئة الشخص باستخدام البطانيات أو الأغطية الدافئة لتوفير حرارة إضافية.
-
تدفئة الجسم باستخدام أكياس حرارية أو زجاجات ماء دافئ: توضع هذه الأكياس على مناطق مثل الإبطين أو أسفل البطن.
-
إعطاء سوائل دافئة: من المهم تقديم مشروبات دافئة مثل الحساء أو الماء الدافئ، ولكن تجنب المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول.
في حالات الهيبوثيرميا الشديدة، قد يحتاج الشخص إلى علاج طبي فوري، مثل استخدام أجهزة تدفئة الجسم الخارجية أو دخول المستشفى للحصول على تدابير أكثر تقدمًا.
الخلاصة
انخفاض درجة حرارة الجسم هو حالة صحية خطيرة تتطلب التعامل السريع والفعّال لتجنب مضاعفاتها. يتطلب الجسم بيئة دافئة للحفاظ على وظائفه الحيوية، وأي تعريض للبرد قد يؤدي إلى نقص في درجات الحرارة التي تؤثر سلبًا على قدرة الجسم في العمل بشكل طبيعي. على الرغم من أن الأسباب البيئية مثل التعرض للبرد تعد من العوامل الأكثر شيوعًا، فإن الحالات المرضية والإصابات والظروف الفسيولوجية الأخرى قد تسهم أيضًا في حدوث هذه المشكلة. إن علاج انخفاض درجة حرارة الجسم يتطلب اهتمامًا عاجلاً لمنع تطور الحالة إلى مراحل خطيرة قد تهدد الحياة.
