أسباب تجاعيد تحت العين

أسباب تجاعيد تحت العين

تمثل التجاعيد التي تظهر تحت العين إحدى أبرز التحديات الجمالية التي تواجه الرجال والنساء على حد سواء، وهي ترتبط بشكل مباشر بآليات بيولوجية وطبيعية متعددة تؤثر على نسيج الجلد في هذه المنطقة الرقيقة والحساسة. تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور التجاعيد تحت العين، وتشمل العوامل الوراثية، وأسلوب الحياة، والعوامل البيئية، والهرمونات، ونوعية العناية بالبشرة. وتزداد الحاجة لفهم هذه الأسباب بعمق من أجل وضع استراتيجيات فعالة للوقاية والمعالجة، خصوصًا وأن المنطقة المحيطة بالعينين تعتبر أولى المناطق التي تُظهر علامات التقدم في العمر.

التركيب البيولوجي الدقيق للجلد تحت العين

الجلد المحيط بالعينين يختلف في تركيبه وخصائصه عن باقي مناطق الوجه، إذ يتميز برقة شديدة تقل عن 0.5 ملم، كما يحتوي على عدد قليل جدًا من الغدد الدهنية والكولاجين، مما يجعله أكثر عرضة للجفاف وفقدان المرونة. إضافة إلى ذلك، فإن هذه المنطقة تعمل باستمرار من خلال التعبيرات اليومية مثل الضحك، البكاء، الغضب، والابتسام، مما يخلق ضغطًا ميكانيكيًا إضافيًا يتراكم بمرور الوقت على الألياف الداعمة للبشرة.

الأسباب البيولوجية المباشرة لتجاعيد تحت العين

1. انخفاض إنتاج الكولاجين والإيلاستين

يُعتبر الكولاجين البروتين الأساسي الذي يمنح البشرة صلابتها ومتانتها، بينما تمنحها ألياف الإيلاستين المرونة. مع التقدم في العمر، تتناقص القدرة الطبيعية للجسم على إنتاج هذه البروتينات، خاصة بعد سن الخامسة والعشرين. هذا النقص يؤدي إلى ترقق الجلد وظهور الخطوط الدقيقة، والتي تتحول لاحقًا إلى تجاعيد عميقة.

2. فقدان الدهون والأنسجة الداعمة

بمرور الوقت، يحدث ضمور طبيعي في الخلايا الدهنية الواقعة تحت الجلد، وهو ما يقلل من الامتلاء الطبيعي للوجه ويؤدي إلى بروز التجاعيد تحت العين بشكل خاص. تفقد الأنسجة الداعمة مرونتها وتتراجع ملامح الوجه نحو الأسفل.

3. انخفاض تدفق الدم والأكسجين

مع التقدم في العمر، ينخفض تدفق الدم نحو الجلد بسبب التغيرات التي تطرأ على الأوعية الدموية الدقيقة، مما يقلل من كمية الأوكسجين والعناصر المغذية التي تصل إلى خلايا الجلد، وهو ما يساهم في تباطؤ عملية تجدد الخلايا وتراكم علامات التقدم في السن.

الأسباب البيئية المؤثرة

1. التعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية (UV)

تُعد الأشعة فوق البنفسجية من أهم العوامل البيئية التي تسبب شيخوخة الجلد المبكرة، حيث تقوم بتحفيز إنتاج الجذور الحرة التي تهاجم ألياف الكولاجين والإيلاستين. هذه العملية تُعرف بـ”الشيخوخة الضوئية”، وتؤدي إلى تفكك الأنسجة الداعمة وظهور التجاعيد حول العينين.

2. التلوث البيئي

الهواء الملوث بالغبار والدخان والعوادم يحتوي على جزيئات حرة تؤثر بشكل سلبي على البشرة، خصوصًا في المناطق الحساسة مثل تحت العين. التلوث يؤدي إلى إجهاد خلايا الجلد، مما يسرّع من فقدانها لوظيفتها الطبيعية ويؤدي إلى تكوين الخطوط الدقيقة.

3. التعرض المستمر للهواء الجاف

الهواء الجاف سواء الناتج عن التكييف أو المناخ الصحراوي يسحب الرطوبة من الجلد، ويجعل المنطقة تحت العين أكثر عرضة للجفاف والتشقق، وهي بيئة مثالية لظهور التجاعيد.

الأسباب السلوكية ونمط الحياة

1. قلة النوم أو اضطراباته

النوم هو وقت التعافي البيولوجي للجسم، بما في ذلك الجلد. الأشخاص الذين لا يحصلون على نوم كافٍ يعانون من تأخير في تجدد خلايا الجلد، بالإضافة إلى انخفاض إنتاج الكولاجين وزيادة هرمون الكورتيزول الذي يضعف الأنسجة. هذا كله يؤدي إلى ظهور علامات الإرهاق والتجاعيد تحت العين.

2. التدخين

يساهم التدخين في تكسير الكولاجين من خلال إدخال كميات ضخمة من الجذور الحرة إلى الجسم. كما أن مادة النيكوتين تضيق الأوعية الدموية وتقلل من تدفق الدم إلى الجلد، مما يضعف قدرته على التجدد ويزيد من ترقق الجلد وتجاعيده.

3. التغذية غير المتوازنة

الاعتماد على نظام غذائي يفتقر إلى مضادات الأكسدة، والفيتامينات (مثل C و E و A)، والمعادن (مثل الزنك والنحاس)، يؤثر على بنية الجلد ويضعفه، مما يزيد من هشاشة الأنسجة تحت العين وتدهور مظهرها العام.

4. الضغط النفسي المستمر

يؤثر التوتر النفسي على إفراز الهرمونات المسؤولة عن صحة الجلد. إذ يُفرز هرمون الكورتيزول بشكل مفرط في حالات الضغط، وهو ما يؤدي إلى تحلل الكولاجين، وتثبيط تجدد الخلايا، وارتفاع مستويات الالتهاب، وكلها عوامل تؤدي إلى زيادة التجاعيد.

العادات الخاطئة في العناية بالبشرة

1. فرك العينين بشكل متكرر

الكثير من الأشخاص يقومون بحك أو فرك أعينهم سواء بسبب الحساسية أو الشعور بالتعب، لكن هذه العادة تؤثر على سلامة الأنسجة الدقيقة تحت العين وتسبب تلفًا ميكانيكيًا متكررًا، يسرّع من ظهور التجاعيد.

2. استخدام مستحضرات قاسية أو غير مناسبة

المكونات الكيميائية القاسية في بعض المنتجات، خاصة تلك التي تحتوي على الكحول أو الروائح الصناعية، قد تسبب تحسسًا وجفافًا في الجلد تحت العين، مما يضعف الحاجز الجلدي ويجعل البشرة أكثر عرضة للتجاعيد.

3. عدم استخدام واقي الشمس

الامتناع عن استخدام واقي شمس خاص بالبشرة الرقيقة تحت العين يعرّض هذه المنطقة للضرر المتراكم الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية، حتى في الأيام الغائمة.

العوامل الوراثية والهرمونية

1. الوراثة

تلعب العوامل الجينية دورًا كبيرًا في تحديد نوعية الجلد وسرعة ظهور التجاعيد، فبعض الأفراد يولدون ببشرة أرق أو أقل مرونة وراثيًا، مما يجعلهم أكثر عرضة للتجاعيد في سن مبكرة، خاصة في منطقة تحت العين.

2. التغيرات الهرمونية

خاصة عند النساء، حيث تؤثر التغيرات الهرمونية مثل انخفاض مستوى الإستروجين خلال فترة انقطاع الطمث على تركيب الجلد وكثافته. الإستروجين مسؤول عن الحفاظ على رطوبة البشرة، وتعزيز إنتاج الكولاجين، لذلك فإن انخفاضه يسرّع من ظهور التجاعيد.

العوامل الميكانيكية والحركية

1. التعبير الوجهي المتكرر

الابتسامة، الضحك، رفع الحاجبين، العبوس—كل هذه الحركات التعبيرية تتطلب استخدام عضلات الوجه بشكل متكرر، خاصة تلك المحيطة بالعين. هذا الاستخدام المتكرر يؤدي إلى تكوّن خطوط تعبيرية تتعمق مع الوقت لتتحول إلى تجاعيد دائمة.

2. النوم على الوجه

النوم على البطن أو على الجنب لفترات طويلة يؤدي إلى ضغط الجلد على الوسادة، وخصوصًا في منطقة الوجه والعينين. هذا الضغط المتكرر يضعف مرونة الجلد ويُحدث تشققات ميكروية تتراكم لتشكل تجاعيد على المدى الطويل.

الجدول التالي يوضح أهم الأسباب وتصنيفها:

خلاصة تركيبية

ظهور التجاعيد تحت العين ليس نتيجة عامل واحد، بل هو نتاج لتراكم العديد من العوامل المتداخلة التي تتعلق بالجسم، والبيئة، والعادات اليومية. الفهم الدقيق لهذه العوامل يُعد الخطوة الأولى نحو الحد من تفاقم هذه التجاعيد وتأخيرها لأطول فترة ممكنة. من المهم تبني نهج شامل في العناية بالبشرة يعتمد على الوقاية من خلال الحماية من الشمس، التغذية المتوازنة، النوم الكافي، والتقليل من العادات السيئة مثل التدخين أو فرك العين. العناية المبكرة والمنتظمة بالبشرة تحت العين تساهم في الحفاظ على شباب المظهر وتأخير علامات التقدم في العمر.

المراجع:

1. Baumann, L. (2007). Cosmetic Dermatology: Principles and Practice. McGraw-Hill Education.

2. Gilchrest, B. A. (1996). Skin aging 1996. The New England Journal of Medicine.