أعراض نقص فيتامين د للكبار

أعراض نقص فيتامين د للكبار

يُعتبر فيتامين د من العناصر الحيوية والأساسية لصحة الإنسان، حيث يلعب دورًا محوريًا في العديد من الوظائف البيولوجية، أهمها تنظيم امتصاص الكالسيوم والفوسفور، والحفاظ على صحة العظام والأسنان، ودعم الجهاز المناعي. رغم أن الجسم يمكنه تصنيع فيتامين د عند التعرض لأشعة الشمس، إلا أن نسبًا كبيرة من البالغين حول العالم يعانون من نقصه بدرجات متفاوتة، مما يؤدي إلى ظهور أعراض متعددة قد تؤثر على نوعية الحياة وجودتها. وتتفاوت هذه الأعراض بين المظاهر الجسدية والاضطرابات النفسية والعصبية، وقد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يُعالَج النقص بشكل مبكر.

أولًا: الأسباب الشائعة لنقص فيتامين د لدى الكبار

لفهم أعراض نقص فيتامين د، لا بد من التطرق إلى أبرز الأسباب التي تؤدي إلى هذا النقص، والتي تشمل:

• قلة التعرض لأشعة الشمس، خاصة في المناطق ذات الطقس البارد أو بين الأشخاص الذين يمضون فترات طويلة داخل المنازل أو المكاتب.

• استخدام واقيات الشمس بكثرة، مما يمنع الأشعة فوق البنفسجية من الوصول إلى الجلد وتحفيز إنتاج الفيتامين.

• سوء التغذية أو نقص الأطعمة الغنية بفيتامين د، مثل الأسماك الدهنية، الكبد، وصفار البيض.

• مشاكل في امتصاص الدهون الناتجة عن أمراض مثل داء كرون أو التليف الكيسي أو الاضطرابات الهضمية.

• أمراض الكبد أو الكلى المزمنة، التي قد تؤثر على تحويل فيتامين د إلى شكله النشط في الجسم.

• السمنة، حيث يُخزن الفيتامين في الأنسجة الدهنية ويصعب تحريره إلى الدورة الدموية.

• التقدم في العمر، حيث تقل قدرة الجلد والكلى على تصنيع وتفعيل فيتامين د.

ثانيًا: الأعراض الجسدية لنقص فيتامين د

1. آلام العظام والعضلات

أحد أكثر الأعراض شيوعًا هو الإحساس بآلام مزمنة في العظام والعضلات، خاصة في الظهر والساقين والحوض. ويحدث ذلك نتيجة ضعف امتصاص الكالسيوم الضروري لبنية العظام، مما يؤدي إلى ترققها أو الإصابة بما يُعرف بلين العظام عند الكبار (Osteomalacia).

2. ضعف العضلات

يتسبب النقص في فيتامين د بضعف في العضلات الإرادية، ما قد يؤدي إلى مشاكل في الحركة وصعوبة في النهوض أو حمل الأشياء، خصوصًا لدى كبار السن، مما يزيد من خطر السقوط والكسور.

3. التعب والإرهاق المستمر

أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من نقص حاد في فيتامين د غالبًا ما يشتكون من تعب مزمن وشعور مستمر بالإرهاق، حتى بعد النوم لساعات كافية. ويُعزى ذلك إلى الدور الحيوي للفيتامين في دعم الطاقة الخلوية ووظائف العضلات.

4. هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور

فيتامين د هو عامل أساسي في توازن الكالسيوم والفوسفور، وهما عنصران حيويان لتكوين العظام. نقص الفيتامين يؤدي إلى انخفاض كثافة العظام، ما يزيد من احتمالية الإصابة بهشاشة العظام والكسور حتى مع الإصابات البسيطة.

5. ضعف المناعة

يُسهم فيتامين د في تعزيز الاستجابة المناعية الطبيعية، وبالتالي فإن نقصه يُضعف قدرة الجسم على مقاومة العدوى، وخاصة التهابات الجهاز التنفسي مثل نزلات البرد والإنفلونزا والالتهاب الرئوي.

6. تأخر التئام الجروح

قد يتسبب نقص فيتامين د في بطء عملية التئام الجروح بعد الجراحة أو الإصابة، وذلك نتيجة ضعف آلية تجديد الخلايا والتئام الأنسجة.

7. تساقط الشعر

رغم ارتباط تساقط الشعر بالعديد من العوامل، إلا أن بعض الأبحاث تربطه بنقص فيتامين د، خاصة في حالات تساقط الشعر الكربي (Telogen Effluvium) أو داء الثعلبة.

ثالثًا: الأعراض النفسية والعصبية لنقص فيتامين د

1. الاكتئاب

تم ربط انخفاض مستويات فيتامين د بزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب، خاصة لدى البالغين في منتصف العمر وكبار السن. يُعتقد أن للفيتامين دورًا في تنظيم المزاج من خلال التأثير على المستقبلات في الدماغ المرتبطة بالسيروتونين، الناقل العصبي المسؤول عن السعادة والاستقرار النفسي.

2. القلق

إضافة إلى الاكتئاب، يرتبط نقص فيتامين د بزيادة نوبات القلق، والشعور الدائم بالتوتر أو العصبية الزائدة، خاصة في البيئات التي تفتقر إلى ضوء الشمس.

3. اضطرابات النوم

فيتامين د له علاقة بتنظيم دورة النوم واليقظة، ونقصه قد يسبب صعوبة في النوم، النوم المتقطع، أو الشعور بعدم الراحة أثناء الليل.

4. ضعف الإدراك والتركيز

تشير بعض الدراسات إلى أن انخفاض مستويات فيتامين د قد يؤدي إلى تراجع في القدرات المعرفية والإدراكية، مثل التركيز، سرعة البديهة، والانتباه، وربما يكون عاملاً مساعدًا في زيادة خطر الإصابة بالخرف أو الزهايمر على المدى الطويل.

رابعًا: الفئات الأكثر عرضة لنقص فيتامين د

خامسًا: التشخيص والتحاليل المخبرية

تشخيص نقص فيتامين د يتم عادة عن طريق تحليل الدم لقياس تركيز 25-هيدروكسي فيتامين د (25(OH)D). القيم المرجعية تكون كما يلي:

• نقص حاد: أقل من 12 نانوغرام/مل

• نقص متوسط: بين 12–20 نانوغرام/مل

• نقص خفيف: بين 20–30 نانوغرام/مل

• المستوى الطبيعي: بين 30–60 نانوغرام/مل

• مستوى مرتفع (محتمل سمي): أكثر من 100 نانوغرام/مل

سادسًا: مضاعفات نقص فيتامين د عند استمرار النقص دون علاج

• هشاشة العظام المتقدمة، ما يزيد من خطر كسور الورك والعمود الفقري.

• لين العظام، وهي حالة تصيب الكبار نتيجة ضعف في صلابة العظم.

• نقص المناعة المزمن، ما يؤدي إلى التهابات متكررة وخطيرة.

• زيادة احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري، ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والأوعية.

• زيادة خطر السرطان، حيث تشير بعض الدراسات إلى وجود علاقة بين انخفاض فيتامين د وبعض أنواع السرطان مثل سرطان القولون والثدي.

سابعًا: الوقاية والعلاج

1. التعرض اليومي لأشعة الشمس

ينصح بتعريض الوجه والذراعين والساقين لأشعة الشمس المباشرة لمدة 15 إلى 30 دقيقة يوميًا خلال ساعات الصباح الباكر أو العصر لتجنب الأشعة فوق البنفسجية الضارة.

2. تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د

• الأسماك الدهنية (السلمون، التونة، السردين)

• كبد البقر

• صفار البيض

• الأطعمة المدعمة مثل الحليب والعصائر

3. المكملات الغذائية

عند وجود نقص مثبت مخبريًا، يُوصى باستخدام مكملات فيتامين د تحت إشراف طبي، بجرعات تختلف حسب شدة النقص والحالة الصحية العامة. غالبًا ما يُعطى في شكل كوليكالسيفيرول (D3) ويُفضل على D2.

4. علاج السبب الكامن

إذا كان النقص ناتجًا عن مرض في الجهاز الهضمي أو الكبد أو الكلى، يجب علاج المرض الأساسي بالتوازي مع تعويض فيتامين د.

المصادر والمراجع:

• Holick MF. Vitamin D deficiency. N Engl J Med. 2007.

• Institute of Medicine (IOM). Dietary Reference Intakes for Calcium and Vitamin D. 2011.