أسباب الكحة وعلاجها الشامل

أسباب الكحة: تحليل علمي معمق لأسباب السعال وآثاره على صحة الإنسان

يُعتبر السعال أو الكحة من أكثر الأعراض التي يعاني منها الأفراد في مختلف الأعمار، وتُعد واحدة من أبرز المشاكل الصحية التي يراجع بسببها المرضى الأطباء في جميع أنحاء العالم. في حين أن السعال يبدو من الأعراض الشائعة التي لا تشكل عادة تهديداً كبيراً للصحة، إلا أنه قد يكون في بعض الحالات مؤشراً على وجود أمراض خطيرة أو حالات صحية تستدعي التشخيص والعلاج المناسبين. في هذا المقال، سنغطي أسباب الكحة بتفصيل علمي دقيق، مع التركيز على الأسباب المحتملة لهذا العرض وآلية حدوثه، وتأثيراته على الجسم.

1. تعريف الكحة وآلية حدوثها

الكحة هي استجابة فسيولوجية تحدث عندما تحاول الرئتين والقصبات الهوائية طرد المواد الغريبة أو المهيجات مثل المخاط أو الغبار أو الجراثيم. تحدث هذه العملية من خلال تقلصات عضلية في الحجاب الحاجز، مما يؤدي إلى إصدار صوت عالي يشير إلى محاولة الجسم التخلص من هذه المواد.

تتكون الكحة بشكل أساسي من ثلاث مراحل:

• المرحلة الأولى: تبدأ بتحفيز المستقبلات العصبية في الحلق أو الجهاز التنفسي.

• المرحلة الثانية: ينتج عنها انقباض مفاجئ في عضلات الصدر والبطن.

• المرحلة الثالثة: هي مرحلة إخراج الهواء بشكل سريع، والذي يحمل معه المواد المهيجة.

تعد الكحة من الدفاعات الطبيعية للجسم، لكن يمكن أن تصبح مزعجة أو مؤلمة إذا استمرت لفترات طويلة.

2. الأسباب الشائعة للكحة

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى السعال، وتتراوح بين الحالات البسيطة التي يمكن علاجها بسهولة، إلى حالات صحية معقدة تتطلب علاجاً متقدماً. من أبرز هذه الأسباب:

أ. التهاب الجهاز التنفسي العلوي

تعد التهابات الجهاز التنفسي العلوي من أكثر الأسباب شيوعاً للسعال، خاصة في فترات تغيرات الطقس أو أثناء فصل الشتاء. تشمل هذه الالتهابات:

• الزكام (الرشح): وهو التهاب في الممرات الأنفية يسببه فيروس، يؤدي إلى سيلان الأنف واحتقان الحلق، ومن ثم إلى السعال.

• التهاب الحلق (البلعوم): في حالات الإصابة بالتهاب الحلق، يترافق السعال مع ألم في الحلق وصعوبة في البلع.

• التهاب الجيوب الأنفية: قد يتسبب في سعال مزمن بسبب تراكم المخاط الذي يتسرب إلى الحلق، ما يسبب تهيجاً مستمراً.

ب. الأمراض التنفسية المزمنة

الأمراض المزمنة مثل الربو و الانسداد الرئوي المزمن (COPD) هي من الأسباب الرئيسية للسعال المستمر.

• الربو: يعتبر الربو أحد الاضطرابات التي تؤثر في المسالك الهوائية، مما يسبب ضيقاً في الشعب الهوائية والتهاباً يؤدي إلى السعال المستمر، خاصة في الليل أو أثناء ممارسة النشاطات البدنية.

• الانسداد الرئوي المزمن: يحدث نتيجة التدخين المستمر أو التعرض المستمر للملوثات الهوائية، حيث يعاني المصابون من انسداد مزمن في الشعب الهوائية، مما يسبب السعال المستمر، غالباً مصحوباً بإفرازات مخاطية.

ج. الالتهابات الفيروسية والبكتيرية

من الأسباب الشائعة الأخرى التي تؤدي إلى السعال، الالتهابات الفيروسية والبكتيرية التي تصيب الجهاز التنفسي. أبرز هذه الالتهابات:

• السعال الديكي: مرض معدٍ تسببه بكتيريا بورديتيلا بورتوسيس، يتسم بسعال شديد متقطع يشبه الصوت “الديكي”، ويعد من الأمراض المعدية التي تحتاج إلى علاج فوري.

• الإنفلونزا: يمكن أن يصاحب الإنفلونزا سعالاً شديداً وأعراضاً مشابهة للبرد مثل الحمى وآلام الجسم.

د. التهيجات البيئية والمواد الكيميائية

يؤثر التعرض للمواد المهيجة مثل الدخان، الأبخرة السامة، والغبار على الجهاز التنفسي ويسبب السعال. يعد الدخان أحد المسببات الرئيسية للسعال المزمن، خصوصاً لدى المدخنين.

• الغازات السامة والتلوث: التعرض المفرط لتلوث الهواء وخاصة في المناطق الصناعية أو الحضرية قد يسبب تهيجاً في المسالك الهوائية.

• الروائح الكيميائية: مثل المنظفات المنزلية أو المذيبات قد تؤدي أيضاً إلى حدوث السعال كرد فعل تحسسي للجسم.

هـ. أمراض القلب

في بعض الحالات، قد يكون السعال ناتجاً عن مشاكل قلبية. الأشخاص المصابون بالفشل القلبي قد يعانون من السعال الجاف والمستمر، وهو غالباً ما يكون مصحوباً بضيق في التنفس. يحدث ذلك نتيجة تجمع السوائل في الرئتين بسبب ضعف ضخ الدم.

و. الارتجاع المعدي المريئي

يُعد الارتجاع المعدي المريئي أحد الأسباب التي قد تؤدي إلى السعال المستمر. حيث يتسبب محتوى المعدة الحمضي في العودة إلى المريء، مما يؤدي إلى تهيج الحلق والشعب الهوائية، وهو ما قد يسبب السعال.

ز. الأدوية

قد تسبب بعض الأدوية أيضاً سعالاً كأثر جانبي. أشهر الأدوية التي قد تسبب ذلك هي مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE inhibitors)، والتي تستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. السعال الناتج عن هذه الأدوية يكون عادة جافاً ومستمرّاً.

3. أنواع السعال ومدة استمرارها

يختلف السعال من حيث المدة والنوع، ويمكن تصنيفه إلى عدة أنواع بناءً على السبب والمدة:

أ. السعال الحاد

يستمر السعال الحاد عادة لفترة قصيرة (أقل من 3 أسابيع) ويحدث بشكل رئيسي نتيجة العدوى الفيروسية مثل الزكام أو الإنفلونزا. في كثير من الحالات، ينتهي السعال الحاد بمجرد شفاء الجسم من العدوى المسببة.

ب. السعال المزمن

يستمر السعال المزمن لأكثر من 8 أسابيع وقد يكون نتيجة لعدة أسباب، من بينها أمراض الرئة المزمنة مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن، بالإضافة إلى الارتجاع المعدي المريئي أو التفاعل مع الأدوية. يتطلب السعال المزمن عادة علاجاً طبياً مستمراً لتخفيف الأعراض ومعالجة السبب الكامن.

ج. السعال الجاف والرطب

• السعال الجاف: هو سعال دون وجود إفرازات مخاطية، ويحدث عادة نتيجة التهيجات أو الحساسية.

• السعال الرطب: يتميز بإنتاج إفرازات مخاطية (بلغم)، وغالباً ما يرتبط بالتهابات الجهاز التنفسي مثل التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي.

4. تشخيص السعال وأهمية الفحص الطبي

على الرغم من أن السعال غالباً ما يكون عرضاً غير خطير، إلا أن استمرار السعال لفترة طويلة أو تكرار الإصابة به قد يستدعي زيارة الطبيب. يعتمد التشخيص على نوع السعال والظروف المحيطة به، بالإضافة إلى الفحص السريري وربما بعض الفحوصات الإضافية مثل:

• الفحوصات المخبرية: للكشف عن وجود العدوى البكتيرية أو الفيروسية.

• فحص الأشعة السينية للصدر: للكشف عن أي مشاكل هيكلية أو أمراض رئوية.

• اختبارات وظائف الرئة: لتحديد مدى تأثير السعال على قدرة التنفس.

5. العلاج والتعامل مع السعال

يعتمد علاج السعال على السبب الكامن وراءه. في حالات السعال البسيط مثل الزكام، قد لا يحتاج الشخص إلى علاج خاص سوى الراحة وتناول الأدوية المسكنة أو مضادة للاحتقان. في حالات أخرى، مثل السعال الناتج عن الربو أو الانسداد الرئوي المزمن، قد يحتاج المريض إلى أدوية موسعة للشعب الهوائية أو أدوية مضادة للالتهاب.

• مضادات السعال: مثل الأدوية التي تحتوي على ديكستروميثورفان أو الكودايين التي تساعد في تخفيف السعال.

• العلاج بالمضادات الحيوية: إذا كان السعال ناتجاً عن عدوى بكتيرية.

• علاج الأمراض المزمنة: مثل الأدوية لعلاج الربو أو أمراض الرئة.

6. الوقاية من السعال

تتمثل الوقاية من السعال في تجنب المسببات المعروفة، مثل التدخين والتعرض للمهيجات البيئية، بالإضافة إلى:

• الحفاظ على نظافة اليدين لتجنب العدوى.

• استخدام الأدوية الواقية مثل اللقاحات ضد الإنفلونزا.

• الابتعاد عن المواد المهيجة كالمواد الكيميائية أو الغبار.

خاتمة

على الرغم من أن السعال قد يكون عرضاً شائعاً، إلا أن الأسباب التي تقف وراءه تتنوع بشكل كبير. فمن الأمراض التنفسية الب