أسباب الشخصية الحساسة وعلاجها

أسباب الشخصية الحساسة وكيفية التخلص منها

الشخصية الحساسة تعتبر من الشخصيات التي تميل إلى التأثر العاطفي الكبير من المواقف المحيطة بها. أصحاب هذه الشخصية غالباً ما يواجهون صعوبة في التعامل مع الانتقادات أو المواقف السلبية، ويميلون إلى الشعور بالألم النفسي بشكل مكثف. قد يتساءل البعض عن الأسباب التي تؤدي إلى ظهور الشخصية الحساسة، وكيف يمكن للأفراد الذين يعانون منها أن يتعاملوا معها أو يتخلصوا منها. في هذا المقال، سوف نتناول أسباب الشخصية الحساسة بالتفصيل، بالإضافة إلى تقديم نصائح وحلول للتعامل مع هذه الشخصية أو تعديلها بما يساهم في تحسين جودة الحياة.

1. الأسباب النفسية لتكون الشخصية الحساسة

الشخصية الحساسة يمكن أن تكون نتيجة لتفاعل عدة عوامل نفسية وبيئية. هذه العوامل تتداخل وتؤثر على طريقة تعامل الأفراد مع مشاعرهم وأحاسيسهم.

1.1 الطفولة والتربية

من أهم العوامل التي تلعب دوراً كبيراً في تشكيل الشخصية الحساسة هي مرحلة الطفولة. الأطفال الذين ينشأون في بيئات مشحونة بالضغوط العاطفية أو الذين يتعرضون للإهمال أو سوء المعاملة قد يطورون ردود فعل عاطفية مفرطة. التربية الزائدة أو القاسية قد تؤدي إلى خلق شخصيات حساسة، حيث يتعلم الطفل أن يكون في حالة دفاع دائم ضد الانتقادات أو الرفض.

1.2 البيئة الاجتماعية والثقافية

البيئة التي ينشأ فيها الفرد لها تأثير بالغ على مستوى حساسياته العاطفية. في المجتمعات التي تشجع على المثالية أو التي تضع معايير عالية للأداء والتفوق، قد يتطور شعور بالفشل والشعور الزائد بالمسؤولية. هذه الضغوط الخارجية قد تؤدي إلى زيادة الحساسية تجاه الانتقادات أو حتى تجاه الأحداث اليومية البسيطة.

1.3 الجينات والوراثة

من ناحية أخرى، قد تكون الجينات عاملاً مؤثراً في حساسية الفرد. بعض الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الاكتئاب أو القلق أو اضطرابات أخرى قد يكونون أكثر عرضة لتطوير شخصية حساسة. الجينات تلعب دوراً في تحديد كيفية استجابة الفرد للأحداث والمواقف، وقد تكون الشخصية الحساسة مجرد نتيجة لطبيعة بيولوجية معينة.

1.4 الحوادث والتجارب السلبية

تُعتبر التجارب الصادمة أو المؤلمة من الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تطور شخصية حساسة. الأشخاص الذين مروا بتجارب حياتية صعبة مثل فقدان أحد الأحباء أو الطلاق أو الخيانة قد يصبحون أكثر حساسية تجاه المواقف المستقبلية، حيث يربطون الأحداث السلبية بالتهديدات المحتملة ويشعرون بالخوف والقلق بشكل دائم.

2. علامات الشخصية الحساسة

يمكن التعرف على الشخصية الحساسة من خلال مجموعة من العلامات السلوكية والعاطفية التي تظهر على الفرد. هذه العلامات تشمل:

• الاستجابة المفرطة للانتقادات: الشخص الحساس غالباً ما يجد صعوبة في تقبل الانتقادات، سواء كانت بناءة أو سلبية.

• الانعزال الاجتماعي: يميل الشخص الحساس إلى تجنب المواقف الاجتماعية أو التفاعل مع الآخرين خوفاً من التعرض للإهانة أو الرفض.

• التأثر العاطفي الكبير: تكون مشاعر الشخص الحساس قوية وعميقة، مما يجعله يعاني بشكل كبير من الحزن أو الغضب أو الفرح.

• الخوف من الرفض: يخشى الأشخاص ذوو الشخصية الحساسة من التعرض للرفض أو عدم القبول، ما يجعلهم في حالة توتر دائم.

• الانشغال بأدق التفاصيل: يُظهر الشخص الحساس اهتماماً كبيراً بالتفاصيل، وقد يتأثر بشدة بمواقف صغيرة تبدو للأشخاص الآخرين غير مهمة.

3. كيف يمكن التخلص من الشخصية الحساسة؟

على الرغم من أن الشخصية الحساسة قد تكون صفة تؤثر سلباً على الحياة اليومية، فإن هناك عدة طرق يمكن من خلالها التعامل مع هذه الحساسية أو تعديلها. هذه الأساليب تعتمد على تغيير التفكير والسلوكيات واكتساب مهارات جديدة للتعامل مع المواقف المختلفة.

3.1 تعلم تقنيات التحكم في العواطف

أحد الحلول الأكثر فعالية للتعامل مع الشخصية الحساسة هو تعلم تقنيات التحكم في العواطف. يمكن للمرء أن يتعلم كيفية إدارة مشاعره وعدم السماح لها بالتأثير بشكل سلبي على حياته. تقنيات مثل التنفس العميق، التأمل، والاسترخاء التدريجي تساعد في تقليل التوتر والقلق، مما يمنح الفرد القدرة على الرد بشكل عقلاني بدلاً من التصرف بناءً على المشاعر المبالغ فيها.

3.2 إعادة تقييم المواقف

إعادة تقييم المواقف وتغيير الطريقة التي يتم بها النظر إليها قد يكون له تأثير إيجابي على الحد من الحساسية. عندما يتعرض الشخص لحادث معين أو موقف يتسبب في شعوره بالألم أو الغضب، يمكنه أن يطرح على نفسه أسئلة تساعده على تغيير وجهة نظره: “هل هذا الموقف يستحق كل هذا العناء؟”، “هل من الممكن أن أكون قد فهمت الأمر بشكل خاطئ؟”، “هل هذا الشخص يقصد الإساءة بالفعل؟”. إعادة تقييم هذه المواقف يمكن أن تساعد في التخفيف من التأثير العاطفي.

3.3 ممارسة التقبل الذاتي

الشخصية الحساسة غالباً ما تكون مرتبطة بمشاعر الشك في الذات والقلق حول كيفية رؤية الآخرين له. من خلال ممارسة التقبل الذاتي، يمكن للفرد أن يتعلم أن يقدر نفسه ويقبل عيوبه. التقبل الذاتي لا يعني الرضا عن الوضع الحالي، بل يعني قبول الشخص لنفسه كما هو، مع التركيز على النمو والتحسين الشخصي. هذا التقبل يقلل من الحاجة إلى التأكيد من الآخرين ويخفف من تأثيراتهم.

3.4 تعلم كيفية وضع الحدود

إحدى الاستراتيجيات الهامة للتعامل مع الشخصية الحساسة هي تعلم كيفية وضع الحدود العاطفية. إذا كان الفرد يشعر أن تفاعلاته مع الآخرين تسبب له التوتر أو الأذى العاطفي، يجب عليه أن يتعلم كيفية تحديد المسافات المناسبة. على سبيل المثال، يمكن أن يوضح للفرد أنه غير مستعد للتفاعل مع شخص معين في وقت معين، أو أنه لا يريد الخوض في محادثات قد تثير مشاعره السلبية.

3.5 اللجوء إلى العلاج النفسي

إذا كانت الشخصية الحساسة تؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية للشخص، فقد يكون من المفيد اللجوء إلى العلاج النفسي. العلاج المعرفي السلوكي (CBT) يعد من العلاجات الفعالة في مساعدة الأشخاص على التعامل مع الأفكار السلبية والعواطف المفرطة. يمكن للمعالج النفسي أن يساعد في تحديد أنماط التفكير غير الصحية وتقديم أدوات عملية للتعامل معها.

3.6 بناء شبكة دعم

وجود شبكة دعم قوية من الأصدقاء والعائلة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على الشخص الحساس. من خلال الانفتاح على الآخرين والتعبير عن المشاعر بطريقة صحية، يمكن للفرد أن يقلل من حدة التأثيرات العاطفية التي يواجهها. التحدث مع شخص موثوق يمكن أن يساعد في تخفيف التوتر وفتح الأفق لرؤية الأمور من زوايا مختلفة.

4. خلاصة القول

الشخصية الحساسة ليست بالضرورة صفة سلبية، ولكنها قد تسبب تحديات في الحياة اليومية. من خلال فهم الأسباب التي تقف وراء هذه الشخصية، والتعرف على الطرق التي يمكن من خلالها التعامل معها، يصبح من الممكن تعديل هذه السمات أو تقليل تأثيرها السلبي. تعلم التحكم في العواطف، وضع الحدود، التقبل الذاتي، واللجوء إلى العلاج النفسي هي من أبرز الحلول التي يمكن أن تساعد الأفراد في التعامل مع حساسيتهم بشكل أفضل.