أسباب احتباس السوائل وأعراضه

علامات احتباس السوائل في الجسم

يُعد احتباس السوائل أو ما يُعرف طبيًا باسم “الوذمة” من المشكلات الصحية الشائعة التي يعاني منها كثير من الأشخاص دون وعي مباشر بأسبابه أو أعراضه. ويحدث احتباس السوائل عندما تتراكم كميات غير طبيعية من السوائل في أنسجة الجسم، وخاصةً في الأطراف مثل الساقين والقدمين واليدين، ولكنه قد يصيب أيضًا البطن والرئتين والمخ. يرتبط هذا التراكم بخلل في التوازن بين دخول وخروج السوائل من وإلى الخلايا والأنسجة، مما يؤدي إلى حدوث انتفاخات وتورمات ظاهرة أو غير ظاهرة.

تتعدد الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى هذه الحالة، كما تختلف الأعراض من شخص لآخر، وهو ما يخلق تحديًا في تشخيصها المبكر. تكمن أهمية معرفة العلامات والأعراض الدالة على وجود احتباس للسوائل في تجنّب المضاعفات المحتملة، التي قد تكون خطيرة أحيانًا إذا ما ارتبطت بمشكلات في القلب أو الكبد أو الكلى.

في هذا المقال، سنعرض بشيء من التفصيل أبرز العلامات التي تدل على احتباس السوائل، والأسباب المحتملة التي تؤدي إليه، وآليات التشخيص، والمخاطر الصحية، وأهم الإجراءات الوقائية والعلاجية.

أولًا: ما هو احتباس السوائل؟

يُعرف احتباس السوائل بكونه تراكمًا غير طبيعي للماء في أنسجة الجسم، حيث لا تتمكن الشعيرات الدموية من إعادة امتصاص السائل اللمفاوي إلى الدورة الدموية بشكل طبيعي، أو يحدث تسرب مفرط للسائل من الأوعية الدموية إلى الأنسجة المحيطة.

تنقسم السوائل في الجسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

1. السوائل داخل الخلايا (Intracellular)

2. السوائل بين الخلايا (Interstitial)

3. السوائل داخل الأوعية الدموية (Intravascular)

عند حدوث خلل في هذا التوازن، مثل تسرب السوائل من الشعيرات الدموية أو ضعف الجهاز اللمفاوي أو احتباس الصوديوم والماء في الجسم، يبدأ السائل بالتراكم تدريجيًا في المناطق المتأثرة، مُسببًا أعراضًا قد تكون بسيطة في البداية ثم تتفاقم مع الوقت.

ثانيًا: الأعراض والعلامات الدالة على احتباس السوائل

هناك عدد من الأعراض التي قد تشير إلى وجود احتباس سوائل في الجسم، منها ما هو ظاهر للعين ومنها ما يحتاج إلى فحوصات دقيقة لاكتشافه. تتضمن أبرز هذه الأعراض:

1. تورم في الأطراف

من العلامات الأكثر شيوعًا، وغالبًا ما يظهر التورم في القدمين أو الكاحلين أو اليدين أو الأصابع. قد يلاحظ الشخص أن الحذاء أصبح ضيقًا، أو أن الخواتم لم تعد تناسب الأصابع كما كانت.

2. زيادة مفاجئة في الوزن

زيادة الوزن غير المبررة خلال فترة قصيرة يمكن أن تكون نتيجة احتباس الماء وليس الدهون أو السعرات الحرارية. فكل لتر من الماء المحتبس يعادل زيادة تقارب كيلوغرامًا واحدًا في الوزن.

3. ظهور طبعة الإصبع على الجلد

عند الضغط بإصبع على منطقة منتفخة من الجسم، مثل الساق، قد تبقى علامة الضغط ظاهرة لفترة من الزمن. يُعرف ذلك بالـ “pitting edema”، وهو علامة واضحة على وجود وذمة.

4. ضيق في التنفس

إذا وصل احتباس السوائل إلى الرئتين (وهي حالة طبية خطيرة تُعرف بالوذمة الرئوية)، فإن الشخص قد يشعر بصعوبة في التنفس، خاصةً عند الاستلقاء.

5. ألم أو ثقل في الأطراف

يشعر بعض الأشخاص بتيبس أو ثقل في الساقين أو الذراعين نتيجة تراكم السوائل، وقد يصاحب ذلك شعور بالانزعاج أو الضغط الداخلي.

6. تغير في لون الجلد

في بعض الحالات، قد يتحول لون الجلد في المنطقة المصابة إلى أزرق أو شاحب، أو قد يظهر محمرًا بسبب تمدد الشعيرات الدموية.

7. الانتفاخ في البطن

عندما يتجمع السائل في منطقة البطن، يُعرف ذلك بالاستسقاء البطني (Ascites)، وهي حالة قد تكون مرتبطة بأمراض الكبد المتقدمة، مثل تليف الكبد.

ثالثًا: الأسباب المحتملة لاحتباس السوائل

احتباس السوائل ليس مرضًا بحد ذاته، بل هو عرض أو نتيجة لحالة صحية أخرى. من أهم الأسباب والعوامل المسببة له:

1. قصور القلب الاحتقاني

عندما لا يستطيع القلب ضخ الدم بشكل فعال، يتراجع الدم في الأوردة، مما يؤدي إلى تسرب السوائل إلى الأنسجة، خاصة في الأطراف السفلية والرئتين.

2. أمراض الكلى

الخلل في وظائف الكلى يؤدي إلى عدم قدرة الجسم على التخلص من الصوديوم والسوائل، مما يؤدي إلى تراكمها في الجسم.

3. أمراض الكبد

الخلل في وظائف الكبد، خاصة في حالات التليف، يقلل من إنتاج الألبومين، وهو بروتين يساعد على الحفاظ على السوائل داخل الأوعية الدموية.

4. الاضطرابات الهرمونية

مثل اضطراب هرمون الألدوستيرون أو الهرمون المضاد لإدرار البول (ADH)، الذي ينظم توازن السوائل في الجسم.

5. الحمل

تزداد نسبة السوائل في الجسم خلال الحمل بشكل طبيعي، لكن في بعض الحالات، قد يحدث احتباس مفرط نتيجة ضغط الرحم على الأوردة أو اضطراب في هرمونات الحمل.

6. الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة

قلة الحركة تعيق تدفق الدم والليمف، مما يؤدي إلى تراكم السوائل في الأطراف السفلية.

7. تناول بعض الأدوية

تشمل مدرات الكالسيوم، مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، بعض أدوية الضغط، وأدوية السكري من نوع “الثيازوليدينديون”.

8. نقص البروتينات في الجسم

انخفاض مستوى البروتينات في الدم، خاصةً الألبومين، يؤدي إلى تسرب السوائل من الأوعية الدموية إلى الأنسجة.

رابعًا: كيف يتم تشخيص احتباس السوائل؟

يُعتمد في التشخيص على مزيج من الفحص السريري، والتاريخ الطبي، والفحوصات المخبرية والتصويرية، مثل:

• الفحص السريري: للتحقق من وجود وذمة، ومكانها، ومدى شدتها.

• اختبارات الدم: لقياس مستوى الألبومين، ووظائف الكلى والكبد.

• اختبارات البول: لتحليل كمية البروتين، ومستوى الصوديوم.

• التصوير بالأشعة أو الموجات فوق الصوتية: لفحص الرئتين أو البطن أو القلب.

• مخطط صدى القلب (Echocardiogram): للكشف عن كفاءة ضخ القلب.

خامسًا: المضاعفات الصحية الناتجة عن احتباس السوائل

في حال لم يتم علاج احتباس السوائل بشكل فعال، قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصةً إذا كان مرتبطًا بأمراض مزمنة. ومن أبرز هذه المضاعفات:

سادسًا: طرق الوقاية من احتباس السوائل

تعد الوقاية من احتباس السوائل أمرًا مهمًا لتفادي المضاعفات، وتتمثل في:

• الحد من تناول الملح: لأن الصوديوم يؤدي إلى احتباس الماء في الجسم.

• ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: لتحسين الدورة الدموية واللمفاوية.

• رفع الساقين عند الجلوس أو النوم: لتسهيل عودة الدم والسوائل من الأطراف إلى القلب.

• الامتناع عن الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة: مع ضرورة التحرك أو تغيير الوضعية بانتظام.

• ارتداء الجوارب الضاغطة: في حالات معينة وتحت إشراف طبي.

• شرب كميات كافية من الماء: لتحفيز الكلى على العمل والتخلص من الصوديوم الزائد.

• تجنب الملابس الضيقة: التي تعيق الدورة الدموية.

• اتباع نظام غذائي متوازن: غني بالبروتينات، ومنخفض الصوديوم والكربوهيدرات المكررة.

سابعًا: العلاجات المتاحة لاحتباس السوائل

يعتمد العلاج على السبب الرئيسي لاحتباس السوائل، ويتضمن:

• مدرات البول: مثل “فوروسيميد”، تُستخدم لإزالة السوائل الزائدة، ولكن يجب أن تكون تحت إشراف طبي لتجنب فقدان البوتاسيوم أو الصوديوم.

• علاج السبب الأساسي: مثل علاج أمراض القلب أو الكلى أو الكبد.

• العلاج الفيزيائي: مثل التصريف اللمفاوي اليدوي أو التمارين المخصصة لتحفيز اللمف.

• تعديل نمط الحياة: بما يشمل التغذية، الرياضة، وتقليل التعرض للعوامل المؤدية إلى الاحتباس.

المصادر العلمية:

• Mayo Clinic. Edema – Symptoms and Causes

• National Heart, Lung, and Blood Institute (NHLBI). Fluid Retention and Edema