ما هو سبب ألم أسفل البطن؟ الأسباب المحتملة وطرق التشخيص والعلاج

يُعد ألم أسفل البطن من الأعراض السريرية الشائعة التي تصيب عددًا كبيرًا من الأفراد في مراحل عمرية مختلفة، وقد يتراوح بين ألم بسيط ومؤقت إلى ألم شديد ومزمن يتطلب تدخلاً طبياً فورياً. يكتسب هذا النوع من الألم أهمية طبية خاصة نظراً لتعدد أسبابه وتشابه أعراضه بين الجنسين، وإن كانت بعض الأسباب خاصة بالنساء مثل آلام الدورة الشهرية أو مشاكل المبيضين، وأخرى خاصة بالرجال مثل التهابات البروستاتا.

يشير مصطلح “أسفل البطن” إلى المنطقة التي تقع بين السرة ومنطقة الحوض، والتي تضم أعضاء متعددة من الجهاز الهضمي، والجهاز البولي، والجهاز التناسلي. وبالتالي فإن تقييم سبب ألم أسفل البطن يتطلب فهماً شاملاً للبنية التشريحية لهذه المنطقة، إلى جانب تحليل دقيق للأعراض المصاحبة ومدة الألم وشدته والعوامل المحفزة له.

الأسباب الهضمية لألم أسفل البطن

تُعد أمراض الجهاز الهضمي من الأسباب الأكثر شيوعاً لألم أسفل البطن، سواء كانت مؤقتة أو مزمنة.

1. متلازمة القولون العصبي (Irritable Bowel Syndrome – IBS)

تُعد من أبرز الأسباب الوظيفية التي تؤدي إلى ألم مزمن أو متقطع في أسفل البطن، وغالباً ما يصاحبه تغيّر في نمط الإخراج مثل الإسهال أو الإمساك. يُعتقد أن متلازمة القولون العصبي تنجم عن تفاعل غير طبيعي بين الدماغ والأمعاء، وتُثار أعراضها بسبب التوتر النفسي، بعض الأطعمة، أو التغيرات الهرمونية.

2. التهاب الزائدة الدودية (Appendicitis)

يُعد من الحالات الطارئة، حيث يبدأ الألم غالبًا حول السرة ثم ينتقل تدريجياً إلى الجزء السفلي الأيمن من البطن. يُصاحب الألم عادة فقدان للشهية، غثيان، وارتفاع في درجة الحرارة. تأخر تشخيص التهاب الزائدة الدودية قد يؤدي إلى تمزقها، مما يشكل خطراً على الحياة.

3. الانسداد المعوي

يحدث نتيجة توقف حركة الطعام والغازات في الأمعاء بسبب وجود عائق ميكانيكي مثل التصاقات ناتجة عن جراحة سابقة أو ورم أو فتق. يُصاحب الانسداد ألم متواصل، انتفاخ، تقيؤ، وإمساك شديد.

4. داء كرون والتهاب القولون التقرحي

كلاهما من أمراض الأمعاء الالتهابية (Inflammatory Bowel Disease – IBD)، ويؤديان إلى ألم مزمن في أسفل البطن، وإسهال يحتوي على دم أحياناً، مع فقدان الوزن وفقر الدم. تحتاج هذه الأمراض إلى متابعة طبية دقيقة وعلاج دوائي مستمر.

الأسباب البولية

1. التهابات المثانة والمسالك البولية

تشمل العدوى التي تصيب المثانة أو الإحليل أو الكلى. وتُعد من الأسباب الشائعة خصوصاً بين النساء. تترافق عادةً مع حرقة أثناء التبول، وتكرار الرغبة في التبول، وألم أسفل البطن أو في الخاصرة.

2. حصى الكلى أو الحالب

تسبب هذه الحصوات ألمًا مفاجئًا وحادًا يُعرف باسم المغص الكلوي، وقد يمتد إلى المنطقة الإربية أو الأعضاء التناسلية. يمكن أن يصاحبه تقيؤ ودم في البول.

3. تضخم البروستاتا الحميد أو التهابها (عند الرجال)

يؤدي ذلك إلى احتباس البول أو ضعف تدفقه، مع ألم أسفل البطن أو في منطقة العجان، وقد يصاحبه صعوبة أو ألم أثناء التبول.

الأسباب النسائية

تعد الأسباب النسائية من أكثر مسببات ألم أسفل البطن لدى النساء، وتمتاز بتنوعها وتداخلها مع أعراض أمراض الجهاز الهضمي والبولي.

1. آلام الدورة الشهرية (عسر الطمث)

يحدث الألم نتيجة تقلصات الرحم لطرد بطانته، ويكون الألم عادةً قبل أو أثناء الحيض، وقد يصاحبه صداع وغثيان وتغيرات مزاجية.

2. بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)

يُعد من الاضطرابات المزمنة حيث تنمو أنسجة بطانة الرحم خارج الرحم، مثل على المبايض أو قناة فالوب أو المثانة. يؤدي ذلك إلى ألم شديد خاصة أثناء الحيض أو الجماع، ويُعد من أسباب العقم أيضاً.

3. تكيس المبايض أو انفجار كيس مبيضي

يمكن أن يتسبب كيس المبيض في ألم حاد مفاجئ عند تمزقه أو عند التواء المبيض. في بعض الأحيان يكون الألم مصحوباً بنزيف داخلي أو غثيان.

4. الحمل خارج الرحم

يحدث عندما تنغرس البويضة المخصبة خارج الرحم، غالباً في قناة فالوب. هذا النوع من الحمل يشكل حالة طبية طارئة حيث يؤدي إلى ألم حاد في جانب واحد من أسفل البطن مع دوخة ونزيف مهبلي.

5. التهاب الحوض (Pelvic Inflammatory Disease)

ينتج عن عدوى في الأعضاء التناسلية العلوية، وعادةً ما تكون بسبب الأمراض المنقولة جنسياً مثل الكلاميديا أو السيلان. يسبب ألماً مستمراً أسفل البطن مع حمى ونزف غير طبيعي.

الأسباب العضلية والهيكلية

قد يُعزى ألم أسفل البطن في بعض الحالات إلى مشاكل في العضلات أو العمود الفقري، خصوصاً الفقرات القطنية التي قد تؤثر على الأعصاب المغذية للبطن.

1. شد عضلي في عضلات البطن

قد يكون نتيجة ممارسة التمارين الرياضية الشاقة، أو حركة مفاجئة، ويترافق مع ألم موضعي يزداد عند الحركة أو السعال.

2. الفتق الإربي

يحدث نتيجة بروز جزء من الأمعاء أو الدهون من خلال نقطة ضعف في عضلات جدار البطن، وقد يظهر كتورم في المنطقة الإربية، مع ألم يزداد عند الوقوف أو رفع الأثقال.

الأسباب النفسية

رغم أن الأسباب العضوية تبقى في الصدارة، فإن العوامل النفسية تلعب دوراً كبيراً، خاصة في غياب تشخيص عضوي واضح.

1. القلق والتوتر النفسي

يرتبط القلق المزمن بزيادة إفراز بعض الهرمونات مثل الكورتيزول، مما يؤدي إلى اضطرابات هضمية وتقلصات معوية قد تترجم إلى ألم أسفل البطن.

2. الاكتئاب

يرتبط الاكتئاب بآلام جسدية مزمنة وغير مفسرة عضويًا، منها ألم البطن، ويعود ذلك إلى التأثيرات العصبية الكيميائية للمرض على الأمعاء والجهاز العصبي المستقل.

جدول يوضح العلاقة بين السبب ومكان الألم والأعراض المرافقة

طرق التشخيص

تشخيص سبب ألم أسفل البطن يتطلب الدمج بين القصة السريرية الدقيقة والفحوصات الجسدية، إلى جانب الاختبارات التكميلية مثل:

• تحاليل الدم والبول: لتقييم وجود عدوى أو التهابات.

• الفحص بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound): مهم جداً لتقييم الأعضاء التناسلية والبطن.

• التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): يُستخدم لتشخيص حالات مثل التهاب الزائدة أو الانسداد المعوي.

• تنظير البطن (Laparoscopy): يُعد خيارًا تشخيصيًا وعلاجيًا في بعض حالات الألم المزمن أو غير المشخص.

• الفحص النسائي الداخلي: ضروري لتقييم الرحم والمبيضين لدى النساء.

استراتيجيات العلاج

العلاج يعتمد بشكل رئيسي على السبب الكامن خلف الألم، وقد يشمل:

• المضادات الحيوية: لعلاج الالتهابات البكتيرية مثل التهابات المسالك أو الحوض.

• المسكنات ومضادات التشنج: لتخفيف الألم في حالات القولون العصبي أو الدورة الشهرية.

• التدخل الجراحي: في حالات مثل التهاب الزائدة الدودية أو الحمل خارج الرحم أو الفتق.

• العلاج الهرموني: في حالات مثل بطانة الرحم المهاجرة.

• العلاج السلوكي المعرفي: مفيد في الحالات المرتبطة بالقلق أو الاكتئاب.

الخلاصة

يُعد ألم أسفل البطن عرضاً طبياً متعدد الأوجه، يتطلب تقييماً دقيقاً وشاملاً نظراً لتعدد الأسباب العضوية والنفسية التي قد تكون وراءه. إن الإلمام بالبنية التشريحية للمنطقة، إلى جانب فهم السياق السريري والمظاهر المصاحبة، يمثلان أساس التشخيص الصحيح والعلاج الفعال. كما أن الاستشارة الطبية المبكرة تظل ضرورية لتفادي المضاعفات الخطيرة التي قد تنتج عن تأخير التشخيص أو العلاج.

المراجع:

1. Mayo Clinic – Abdominal pain causes

2. National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases – Irritable Bowel Syndrome