العلاج عن طريق الفم لمرض السكري النوع الثاني
يعد السكري من النوع الثاني من الأمراض المزمنة التي تؤثر بشكل كبير على الصحة العامة للفرد. يتميز هذا النوع من السكري بعدم قدرة الجسم على استخدام الأنسولين بشكل فعال، مما يؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم. في البداية، يمكن التحكم في المرض عن طريق النظام الغذائي والتمارين الرياضية، ولكن مع تقدم الحالة، قد يحتاج المريض إلى العلاج الدوائي. يعتبر العلاج عن طريق الفم أحد الخيارات الشائعة والفعالة في التحكم بمستويات السكر في الدم لدى المرضى الذين يعانون من السكري من النوع الثاني.
تعمل الأدوية الفموية على تحسين قدرة الجسم على معالجة السكر بشكل أكثر كفاءة، إما عن طريق زيادة إفراز الأنسولين، أو تحسين استجابة الجسم للأنسولين، أو تقليل إنتاج السكر في الكبد. وفي هذا المقال، سنتناول أنواع الأدوية الفموية المستخدمة في علاج مرض السكري من النوع الثاني، وآلية عملها، وأبرز الآثار الجانبية المحتملة.
1. الميتفورمين (Metformin)
يعد الميتفورمين من أكثر الأدوية الفموية استخدامًا في علاج السكري من النوع الثاني، وهو الدواء المفضل لدى معظم الأطباء. يعمل الميتفورمين بشكل أساسي عن طريق تقليل إنتاج الجلوكوز في الكبد، مما يقلل من مستويات السكر في الدم. كما يساعد الميتفورمين على تحسين حساسية الجسم للأنسولين، مما يعزز قدرة الخلايا على استخدام السكر بفعالية أكبر.
آلية العمل:
الميتفورمين يعمل عن طريق تثبيط إنتاج الجلوكوز في الكبد، مما يقلل من كمية الجلوكوز المتاحة في الدم. بالإضافة إلى ذلك، يساعد في تحسين حساسية الخلايا للأنسولين، مما يعني أن الجسم يستطيع استخدام الأنسولين بشكل أكثر كفاءة.
الآثار الجانبية:
قد يعاني بعض المرضى من أعراض جانبية مثل الغثيان، والإسهال، والانتفاخ. في حالات نادرة، يمكن أن يحدث تراكم حمض اللاكتيك في الجسم (حالة تسمى الحماض اللاكتيكي)، وهو تأثير جانبي نادر ولكنه خطير.
2. السلفونيل يوريا (Sulfonylureas)
تعمل أدوية السلفونيل يوريا على تحفيز البنكرياس لإفراز المزيد من الأنسولين. تُستخدم هذه الأدوية بشكل رئيسي عندما لا يكون الميتفورمين كافيًا في التحكم بمستويات السكر. تشمل الأدوية في هذه الفئة غليبيزيد (Glipizide) وغليبوريد (Glibenclamide) وجليمبريد (Glimepiride).
آلية العمل:
تعمل السلفونيل يوريا عن طريق تحفيز خلايا بيتا في البنكرياس لإفراز الأنسولين. هذا يؤدي إلى زيادة مستويات الأنسولين في الدم، مما يساعد على تقليل مستويات الجلوكوز.
الآثار الجانبية:
من أبرز الآثار الجانبية للسلفونيل يوريا هي انخفاض مستويات السكر في الدم (نقص السكر في الدم)، وهو أمر قد يكون خطيرًا إذا لم يتم معالجته بسرعة. كما قد يؤدي استخدام هذه الأدوية إلى زيادة الوزن لدى بعض المرضى.
3. ثيازوليدينديون (Thiazolidinediones)
تعد أدوية الثيازوليدينديون من الأدوية الفموية التي تعمل على تحسين استجابة الجسم للأنسولين. تشمل الأدوية في هذه الفئة روزيغليتازون (Rosiglitazone) وبيوجليتازون (Pioglitazone). تعمل هذه الأدوية على تقليل مقاومة الأنسولين في الأنسجة المستهدفة، مثل العضلات والدهن.
آلية العمل:
يعمل الثيازوليدينديون عن طريق زيادة فعالية الأنسولين في الخلايا، مما يساعد في تقليل مستويات الجلوكوز في الدم. كما أنه يعزز امتصاص الجلوكوز في العضلات والأنسجة الدهنية.
الآثار الجانبية:
من أبرز الآثار الجانبية لهذه الأدوية زيادة الوزن واحتباس السوائل، مما قد يؤدي إلى مشاكل في القلب. لذلك، يُنصح باستخدام هذه الأدوية بحذر في المرضى الذين يعانون من مشاكل في القلب.
4. مثبطات DPP-4 (Dipeptidyl Peptidase-4 Inhibitors)
تعمل أدوية مثبطات DPP-4 مثل سيتاجليبتين (Sitagliptin) وسانداجلبتين (Saxagliptin) على زيادة إفراز الأنسولين وتقليل إفراز الجلوكاجون (الهرمون الذي يزيد من إنتاج الجلوكوز) في الجسم. يتم ذلك عن طريق تثبيط إنزيم DPP-4 الذي يكسر الهرمونات المعززة لإفراز الأنسولين.
آلية العمل:
عند تثبيط إنزيم DPP-4، يتم زيادة مستويات هرمونات مثل GLP-1 وGIP، التي تساعد في تحفيز إفراز الأنسولين بعد تناول الطعام، كما تقلل من إنتاج الجلوكوز في الكبد.
الآثار الجانبية:
عادةً ما تكون الآثار الجانبية لأدوية مثبطات DPP-4 خفيفة، مثل آلام في المعدة أو صداع. في حالات نادرة، قد تحدث التهابات في الجهاز التنفسي العلوي أو مشاكل في الكلى.
5. مثبطات SGLT2 (Sodium-Glucose Cotransporter 2 Inhibitors)
تعمل أدوية مثبطات SGLT2 مثل كاناجليفلوزين (Canagliflozin) وداباجليفلوزين (Dapagliflozin) على منع امتصاص الجلوكوز في الكلى، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الجلوكوز عبر البول. لذلك، تساعد هذه الأدوية في خفض مستويات السكر في الدم بشكل فعال.
آلية العمل:
تقوم هذه الأدوية بتثبيط ناقل SGLT2 في الكلى، مما يمنع امتصاص الجلوكوز ويزيد من إفرازه في البول. وبذلك، يتم تقليل مستويات الجلوكوز في الدم.
الآثار الجانبية:
تشمل الآثار الجانبية لأدوية مثبطات SGLT2 زيادة في التبول، والجفاف، والعدوى في المسالك البولية، وزيادة في مستويات الكيتونات في الدم، مما قد يؤدي إلى الحماض الكيتوني السكري في بعض الحالات النادرة.
6. أدوية GLP-1 Agonists (Agonists of Glucagon-like Peptide-1)
أدوية GLP-1 هي أدوية غير فموية تساعد على زيادة إفراز الأنسولين وتحسين استجابة الجسم للأنسولين، كما تساعد في تقليل إنتاج الجلوكوز في الكبد. تشمل هذه الأدوية ليراجلوتايد (Liraglutide) ودولاجلوتايد (Dulaglutide).
آلية العمل:
تعمل هذه الأدوية عن طريق تحفيز مستقبلات GLP-1 في البنكرياس، مما يزيد من إفراز الأنسولين. كما أنها تعزز الشعور بالشبع وتقلل من إفراز الجلوكاجون، وهو الهرمون المسؤول عن زيادة مستويات الجلوكوز في الدم.
الآثار الجانبية:
تشمل الآثار الجانبية لهذه الأدوية الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، وفقدان الوزن. كما قد تسبب بعض الأدوية في هذه الفئة اضطرابات في المعدة.
7. أدوية أخرى
هناك بعض الأدوية الأخرى التي تُستخدم بشكل أقل شيوعًا في علاج السكري من النوع الثاني. تشمل هذه الأدوية مثل الألفا جلوكوزيداز المثبطات (مثل أكاربوز)، التي تعمل على تأخير امتصاص الكربوهيدرات من الأمعاء بعد تناول الطعام، مما يساعد في تقليل ارتفاع مستويات السكر في الدم بعد الوجبات.
الخلاصة
العلاج عن طريق الفم لمرض السكري من النوع الثاني يوفر مجموعة متنوعة من الخيارات التي يمكن أن تكون فعالة في التحكم بمستويات السكر في الدم. يعتمد اختيار الدواء المناسب على عدة عوامل، مثل التاريخ الطبي للمريض، وأي حالات صحية مصاحبة، ومدى استجابة المريض للعلاج. من المهم أن يتم تناول الأدوية الفموية وفقًا لتوجيهات الطبيب ومتابعة مستويات السكر بانتظام لتجنب أي آثار جانبية خطيرة.
