يواكب المغرب، على غرار الدول الأخرى حول العالم، اليوم العالمي لمحاربة التدخين في الحادي والثلاثين من شهر مايو من كل عام، حيث يتجلى هذا الاحتفال كتعبير عن الجهود الرامية إلى التصدي لهذا الوباء الخطير، الذي ينتشر بمفعوله الضار عبر الأجيال والثقافات. يُعَدُّ التدخين، هذا السلوك الضار الذي ينطوي على تداول السجائر واستنشاق الدخان الذي تنتجه، من الظواهر الصحية الهامة التي تثير القلق في جميع أنحاء العالم. إن تأثيراته السلبية تتسارع، وتتنوع بين التأثيرات المباشرة على الصحة الفردية والتأثيرات الجماعية على المجتمع.
تظهر الآثار الفورية للتدخين على العديد من الأعضاء والأجهزة في الجسم، ومنها الأذية التي يمكن أن يلحقها بالعيون، حيث يتسبب في التهاب الأغشية الجفنية ويؤدي إلى تلف الخلايا في شبكة العين. كما يعيق عمل أجهزة التنفس، محفزًا التهيج الشديد للأنسجة الدقيقة في الأنف، بما في ذلك عضو الشم، الذي يتواجد في الجزء العلوي من التجويف الأنفي. وليس هذا فقط، بل يُسهم التدخين بشكل كبير في زيادة حدوث السعال وتعريض الفرد لمجموعة متنوعة من الأمراض السرطانية، التي تشكل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة.
ومن هنا يبرز دور الفن في توعية المجتمع ونقل الرسائل الاجتماعية النبيلة، وفي هذا السياق، كان الفنان المغربي الراحل، أحمد كورتي، قد ادرك تمامًا الفعالية الكبيرة التي يحملها الفن في توجيه رسائل توعية وتحفيز المجتمع على اتخاذ خطوات نحو أسلوب حياة صحي ومستدام. قدم كورتي جهودًا ملموسة من خلال إبداعه الفني، حيث قام بإنتاج أغنية استثنائية تحمل عنوان “ابتعد من السيجارة”. هذه الأغنية ليست مجرد إبداع فني، بل هي تحفيز قوي للمجتمع على التخلص من هذه العادة الضارة.
تأتي هذه الأغنية الاجتماعية البيئية كمحاولة فعّالة لتوجيه رسالة تحسيسية للجمهور حول خطورة التدخين وتأثيراته السلبية. إن تصدي هذا العملاق الصحي يتطلب تضافر الجهود وتكامل الفعل الفني مع المسؤولية الاجتماعية، وهو ما قام به كورتي بإبداعه الفريد.
في زمن يرى فيه الفنان نفسه كمرسل لرسائل الوعي والتحفيز، يتعين عليه أن يضطلع بدور فاعل في توجيه المجتمع نحو مستقبل أكثر صحة واستدامة. إن الأغنية الهادفة والفنان الواعي يمكنهما أن يلعبا دورًا كبيرًا في بناء المواطن الصالح، الذي يسعى إلى تحسين جودة حياته والمساهمة في بناء مجتمعه.
المزيد من المعلومات
أحمد كورتي، الذي وُلد في 25 أبريل 1947 ورحل عن عالمنا في 17 مارس 2003، يعد واحدًا من أبرز الملحنين والمطربين في المغرب، وكانت إسهاماته الفنية تتسم بالتنوع والعمق. يُعتبر كورتي رمزًا للموسيقى المغربية التقليدية، وقد حقق نجاحًا كبيرًا في مجال الفن الشعبي والتراثي.
كان لأحمد كورتي دور بارز في تشكيل المشهد الفني المغربي، حيث قدم العديد من الأعمال التي تراوحت بين الطابع الشعبي والأغاني الرومانسية. ومن بين أشهر أغانيه يمكن الإشارة إلى “الزين لي فكرت فيا”، التي حققت شهرة واسعة وتعتبر من التحف الفنية في الموسيقى المغربية.
على الرغم من نجاحه في ميدان الموسيقى، إلا أن كورتي لم يكتفِ بالجانب الفني فحسب، بل كان لديه إدراك عميق للمسؤولية الاجتماعية للفنان. تجلى ذلك في الأغنية التوعية “ابتعد من السيجارة” التي تناول فيها مشكلة التدخين بطريقة فنية مؤثرة. يعكس هذا التحول في مساره الفني إلتزامه الحقيقي بتقديم رسائل توعية تخدم المجتمع وتحث على التفكير في السلوكيات الضارة.
يمتلك أحمد كورتي إرثًا فنيًا غنيًا يستمر في إلهام الأجيال الجديدة في المغرب. وتظل أغانيه وأداؤه الفني خالدة، مما يجعله جزءًا هامًا من تاريخ الموسيقى المغربية والثقافة الوطنية.