أحكام التجويد في الزخرف

أحكام التجويد في سورة الزخرف: دراسة تفصيلية

سورة الزخرف هي السورة الثالثة والأربعون في ترتيب المصحف الشريف، وهي سورة مكية تتألف من 89 آية. على الرغم من أن هذه السورة لا تحتل مكانة كبيرة في الذهن مقارنة ببعض السور الأطول في القرآن الكريم، فإنها تحمل في طياتها الكثير من الحكم والمعاني الدقيقة، فضلاً عن القواعد التجويدية التي تعزز من جمال تلاوتها وتزيد من تأثيرها الروحي.

يعد التجويد من العلوم القرآنية التي تهدف إلى ضبط كيفية قراءة القرآن الكريم من حيث النطق الصحيح للأحرف وتحديد حركاتها. يشمل التجويد في القرآن الكريم أحكامًا عدة تنظم كيفية قراءة الحروف والكلمات في السور المختلفة. لذلك، نركز في هذا المقال على أبرز أحكام التجويد الموجودة في سورة الزخرف مع تفسير مفصل للأحكام المتعلقة بها.

1. المدود

المدود في القرآن الكريم هي زيادة في مدة النطق ببعض الحروف نتيجة لوجود علامات مد محددة. وفي سورة الزخرف نجد عدة أماكن يتعين فيها تطبيق المدود، خاصة في الكلمات التي تحتوي على حروف مدية، وهي الألف، الواو، والياء.

1.1 المد الطبيعي

يظهر المد الطبيعي في أكثر من موضع في سورة الزخرف، وخاصة في الكلمات التي تحتوي على حروف مد دون أي سبب آخر. مثال على ذلك:

• في قوله تعالى: “مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ” (الزخرف: 19) نجد مدًا طبيعيًا في كلمة “مَالِكِ” حيث يتم مد الألف لمدة زمنية قدرها حركتين.

• في قوله تعالى: “وَيَقُولُ الْكَافِرُونَ” (الزخرف: 20) يوجد مد طبيعي في كلمة “يَقُولُ”، وهكذا.

1.2 مد العوض

يوجد مد العوض في السورة في الأماكن التي تلتقي فيها الحروف المتحركة بالساكنة. مثال على ذلك: “فَرَّجْنَا” في الآية 5، حيث يمكننا ملاحظة مد العوض عند قراءة الحروف الساكنة بعد الحروف المتحركة.

2. الإظهار

الإظهار هو النطق بالحروف بوضوح مع عدم إدغامها في بعضها. يعد الإظهار من الأحكام المهمة في تجويد القرآن الكريم، ويظهر في سورة الزخرف في مواضع عديدة، خاصة مع حروف اللام والراء.

• في قوله تعالى: “وَجَعَلْنَا” (الزخرف: 15)، تظهر اللام بوضوح من دون إدغام في الحروف التي تليها.

• كذلك في قوله تعالى: “وَالْفَجْرِ” (الزخرف: 10)، يتضح الإظهار في نطق حرف الفاء مع الجيم.

3. الإدغام

الإدغام هو أن يتم دمج حرفين في حرف واحد بحيث لا يلاحظ الفرق بينهما أثناء القراءة. وفي سورة الزخرف نجد العديد من المواضع التي يستوجب فيها الإدغام، كما في:

• في قوله تعالى: “فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ” (الزخرف: 19)، حيث يتم إدغام النون الساكنة في الميم.

• في قوله: “وَالْجَحِيمِ” (الزخرف: 23)، يتم إدغام الميم في الجيم بوضوح.

4. القلقلة

القلقلة هي حالة تحدث عندما يكون الحرف ساكنًا ويحتاج إلى نطق قوي مع ارتداد الصوت. تحدث القلقلة في خمسة حروف هي: ق، ط، ب، ج، د. في سورة الزخرف، نجد أن القلقلة تظهر في مواضع متعددة، من أبرزها:

• في قوله تعالى: “وَالْقَمَرِ” (الزخرف: 17)، حيث نلاحظ القلقلة في حرف القاف.

• في قوله: “فِرْعَوْنُ” (الزخرف: 46)، نلاحظ القلقلة في حرف الفاء.

5. الوقف

الوقف هو توقف القارئ على كلمة ما في نهاية الآية أو الجملة. يتم الوقف في القرآن الكريم في مواضع معينة، وسورة الزخرف تحتوي على العديد من مواضع الوقف:

• في قوله تعالى: “يَا قَوْمِ” (الزخرف: 46)، يمكن للقارئ الوقف على الكلمة وبدء التلاوة في الآية التالية.

• في قوله: “فَذُوقُوا” (الزخرف: 19)، يمكن الوقف على “فَذُوقُوا” وتكرار التلاوة بعد ذلك.

6. التنوين والنون الساكنة

التنوين والنون الساكنة يتطلبان تلاوة خاصة لتفادي الخطأ في النطق. في سورة الزخرف، يتكرر التنوين في عدة مواضع مثل:

• في قوله تعالى: “فِيهَا فَاكِهَةٌ وَمَغَارِبُ” (الزخرف: 54)، حيث يتم نطق التنوين بشكل سليم.

أما النون الساكنة، فيجب أن تلتزم بأحكام التجويد، مثل الغنة والإظهار عند التقائها مع الحروف التي تليها. على سبيل المثال:

• في قوله تعالى: “إِنَّا جَعَلْنَا” (الزخرف: 15)، نجد نونًا ساكنة تلتقي مع الجيم، مما يستوجب على القارئ أن يؤدي الغنة في النون بشكل صحيح.

7. التفخيم والترقيق

يعتبر التفخيم والترقيق من الأحكام التي تؤثر على طريقة نطق الحروف، وتظهر هذه الأحكام في سورة الزخرف في بعض المواضع.

• على سبيل المثال، في كلمة “قَدْ أَفْلَحَ” (الزخرف: 51)، يتم تفخيم القاف في حين أن حرف اللام في “أَفْلَحَ” يتم ترقيقه.

8. حروف الاستعلاء والاستفال

حروف الاستعلاء هي الحروف التي يتم نطقها بارتفاع اللسان في الحلق، مثل الحروف التي تظهر في آيات مثل “قَالُوا” (الزخرف: 38). أما حروف الاستفال، فهي الحروف التي يكون اللسان فيها منخفضًا، مثل ما يظهر في قوله: “يَفْعَلُ” (الزخرف: 19).

9. التسهيل

التسهيل هو جعل الحروف الساكنة سهلة في النطق عند التقاء الحروف التي تسبقها مع الحروف التي تليها. وهذا يظهر في سورة الزخرف في عدة مواضع، مثل:

• في قوله تعالى: “مَّا يَكُونُ لِهَا مِنْهُ” (الزخرف: 15) حيث نجد تسهيل النون الساكنة مع الميم.

10. القصر

القصر هو تقليص مدة المد في بعض الكلمات، وهو يظهر في سورة الزخرف في مواضع محددة، حيث يقرأ القارئ الحروف التي تحتوي على مد طبيعي لمدة حركتين فقط بدلاً من المد الطويل.

مثال:

• في قوله تعالى: “وَالْفَجْرِ” (الزخرف: 10)، يمكن أن يظهر القصر في نطق الحروف.

الخلاصة

تعد سورة الزخرف من السور التي تحتوي على العديد من الأحكام التجويدية التي تساهم في جعل تلاوتها أكثر دقة وجمالًا. من المدود، والإظهار، والإدغام، إلى القلقلة والتسهيل، كل هذه الأحكام تضفي على تلاوة السورة رونقًا خاصًا. يتمثل أهمية تعلم هذه الأحكام في ضمان نطق الكلمات بشكل صحيح مما يساعد في فهم المعاني العميقة التي تحملها الآيات.