كتاب “أحفاد لينين: التعليم ما قبل المدرسي في الاتحاد السوفيتي” من تأليف كيتي د. ويفر (Kitty D. Weaver)، والذي نُشر في أبريل عام 1971 من قبل دار النشر “سايمون وشوستر” (Simon & Schuster)، يتناول موضوعًا مهمًا يتمحور حول نظام التعليم ما قبل المدرسي في الاتحاد السوفيتي خلال تلك الفترة.
يُعد التعليم في مرحلة الطفولة المبكرة في الاتحاد السوفيتي موضوعًا محوريًا في سياق الأيديولوجيا السوفيتية، حيث كان النظام يسعى لبناء جيل واعٍ يحمل مبادئ الماركسية اللينينية منذ سنواته الأولى. كان الأطفال في الاتحاد السوفيتي يُعتبرون أحفادًا فكريين لفلاديمير لينين، القائد الشيوعي الذي أسس الاتحاد السوفيتي، ولذلك تم تصميم التعليم ما قبل المدرسي ليعزز القيم التي يدعو لها الحزب الشيوعي، كالتضامن، المساواة، العمل الجماعي، والولاء للوطن.
الكتاب يركز بشكل رئيسي على كيفية تنظيم النظام التعليمي للأطفال في هذا السياق، حيث يتم تقديم الرعاية التربوية من خلال مؤسسات مثل رياض الأطفال ودور الحضانة، والتي كانت تتم إدارتها وتمويلها بشكل كبير من قبل الدولة. كان الهدف من هذا النظام ليس فقط تقديم تعليم أولي للأطفال، بل أيضًا دمجهم في المجتمع السوفيتي منذ سن مبكرة، وجعلهم جزءًا من المسار الاشتراكي للأمة.
تتميز هذه المؤسسات بأنها كانت تتبع مناهج تربوية صارمة، وكانت تنظر إلى الطفل كعضو فعال في المجتمع السوفيتي. مناهج التعليم كانت تشمل الأنشطة البدنية، المهارات اليدوية، العلوم الأساسية، والنشاطات الجماعية، بهدف تعزيز القدرة على العمل كجزء من جماعة، وهي من القيم الأساسية في الفكر الشيوعي.
من ناحية أخرى، يتطرق الكتاب إلى الدور الذي لعبته الحكومة في تعزيز هذا النظام التعليمي، حيث كانت جميع الموارد موجهة لدعم هذه المؤسسات بهدف تعزيز مستقبل الاتحاد السوفيتي من خلال تشكيل أجيال مخلصة للنظام الاشتراكي. كما أن الكتاب يناقش التحديات التي واجهها هذا النظام التعليمي، سواء كانت تلك التحديات تتعلق بالمناهج التربوية نفسها أو بإدارة هذه المؤسسات.
ما يُميز الكتاب أيضًا هو التحليل العميق الذي تقدمه المؤلفة بشأن تأثير هذه التربية على الأطفال ومستقبلهم. حيث كانت الدولة تسعى إلى صنع جيل من المواطنين الذين يحملون الولاء للحزب الشيوعي ويعملون من أجل مصلحة الدولة الاشتراكية. هذه الرؤية كانت تُعتبر استثمارًا طويل الأمد في مستقبل البلاد، إذ أن الأطفال الذين يتلقون هذا النوع من التعليم كانوا من المفترض أن يصبحوا عماد المجتمع السوفيتي مستقبلاً، سواء في المجالات الصناعية أو العسكرية أو العلمية.
يتناول الكتاب أيضًا المقارنة بين النظام السوفيتي للتعليم ما قبل المدرسي والنظم الأخرى، خصوصًا تلك الموجودة في الدول الغربية. وبينما كان الغرب يركز أكثر على التعليم الفردي وتنمية شخصية الطفل، كان الاتحاد السوفيتي يركز على بناء الفرد داخل إطار جماعي منظم يخدم الدولة والنظام الشيوعي. هذا التباين في النهج التربوي يعكس الاختلافات الأيديولوجية العميقة بين النظامين السياسيين والاجتماعيين في الشرق والغرب.
من خلال كتاب “أحفاد لينين: التعليم ما قبل المدرسي في الاتحاد السوفيتي”، تقدم المؤلفة رؤى فريدة حول كيف يمكن أن يكون التعليم أداة قوية للتشكيل الاجتماعي والسياسي، وكيف أن الأنظمة الأيديولوجية تستخدم التعليم لبناء الأجيال القادمة وفقاً لمبادئها وقيمها. كما يعكس الكتاب الاهتمام الكبير الذي أولاه الاتحاد السوفيتي لتربية الأطفال في سن مبكرة، باعتبارهم جزءًا أساسيًا من بناء الأمة القوية والمجتمع الاشتراكي المتماسك.
الكتاب يعرض هذا الموضوع من منظور دقيق ويقدم تفاصيل شاملة حول النظام التعليمي السوفيتي في تلك الحقبة، مما يجعله مصدرًا قيمًا لأي شخص يرغب في فهم دور التعليم ما قبل المدرسي في الأنظمة الاشتراكية، وتأثيره على المجتمع والسياسة.