أحدث الدراسات التسويقية للعام 2018
شهد عام 2018 مجموعة من الدراسات التسويقية الهامة التي ركزت على التغيرات في سلوك المستهلكين، وكيفية تأثير التحولات التكنولوجية على استراتيجية الشركات التسويقية. تمثل هذه الدراسات خطوة هامة نحو فهم التطورات الجديدة في عالم التسويق وتحليل كيفية تفاعل المستهلكين مع المنتجات والخدمات في عصر الرقمنة. تتراوح هذه الدراسات بين فهم التحولات في تجربة المستخدمين إلى تأثير الذكاء الاصطناعي على تخصيص الحملات التسويقية، بالإضافة إلى التوجهات التي أظهرت التحولات في الطرق التي يتواصل بها العلامات التجارية مع جمهورها.
أولًا: التحولات في سلوك المستهلكين في ظل الثورة الرقمية
عام 2018 كان عامًا محوريًا في دراسة التحولات في سلوك المستهلكين، فقد أظهرت الدراسات أن التكنولوجيا الرقمية قد أحدثت تغييرات جذرية في كيفية اتخاذ الأفراد لقراراتهم الشرائية. واحدة من الدراسات التي ركزت على هذا المجال كانت تلك التي أجراها “مركز جالوب” في الولايات المتحدة والتي أكدت أن 68% من المستهلكين أصبحوا يفضلون شراء المنتجات عبر الإنترنت بدلاً من التسوق التقليدي. هذا التحول كان نتيجة لعدة عوامل، أهمها راحة التسوق عبر الإنترنت، القدرة على مقارنة الأسعار، وتوفر خيارات شحن سريعة.
تزايد الاعتماد على الهواتف الذكية كان أحد الأسباب الرئيسية لهذا التحول. أصبحت التطبيقات المخصصة للتسوق أكثر انتشارًا، وأصبح المستهلكون يفضلون إجراء المعاملات عبر هواتفهم الذكية بسبب الراحة وسرعة الوصول. كما أظهرت الدراسة أن 85% من المستهلكين في 2018 قد تفاعلوا مع العلامات التجارية عبر هواتفهم الذكية.
ثانيًا: تأثير الذكاء الاصطناعي على التسويق الرقمي
كان الذكاء الاصطناعي أحد أكبر الموضوعات في التسويق عام 2018. تم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لتحليل سلوك المستهلكين وتخصيص الحملات الإعلانية بطرق أكثر دقة. وفقًا لدراسة أجراها “McKinsey” حول تأثير الذكاء الاصطناعي في قطاع التسويق، تبين أن الشركات التي استخدمت الذكاء الاصطناعي في حملاتها التسويقية شهدت زيادة في الإيرادات بنسبة تصل إلى 20%. تم استخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل البيانات الكبيرة من سلوك المستهلكين عبر الإنترنت، مما سمح للعلامات التجارية بتخصيص رسائلها بشكل دقيق.
من أبرز التطبيقات في هذا المجال كانت استخدام “المساعدات الذكية” مثل “سيري” و”أليكسا” التي سمحت للمستخدمين بالبحث عن المنتجات وشراءها باستخدام الأوامر الصوتية. وقد أظهرت الدراسات أن أكثر من 50% من العملاء في عام 2018 قد استخدموا هذه التقنيات في تفاعلهم مع العلامات التجارية، مما دفع الشركات إلى تبني استراتيجيات تسويقية جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
ثالثًا: تنامي أهمية التسويق عبر المؤثرين
شهد عام 2018 أيضًا استمرار النمو السريع للتسويق عبر المؤثرين. أظهرت دراسات السوق أن 70% من الشباب في الولايات المتحدة قاموا باتباع بعض المؤثرين على منصات مثل “إنستغرام” و”يوتيوب”. هذه الظاهرة لم تكن مجرد حيلة تسويقية، بل أصبحت أحد أبرز الأساليب التي تستخدمها العلامات التجارية لبناء الثقة مع الجمهور المستهدف.
وقد كشفت دراسة أجراها “صحيفة نيويورك تايمز” في عام 2018 أن تأثير المؤثرين كان واضحًا بشكل خاص في قطاعات مثل الموضة، الجمال، التكنولوجيا، والأطعمة والمشروبات. مع تزايد عدد المتابعين لهؤلاء المؤثرين، أصبح بإمكانهم التأثير في قرارات الشراء بشكل أكبر من الإعلانات التقليدية. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أن الحملات التسويقية التي استخدمت المؤثرين شهدت زيادة في مبيعات المنتجات بنسبة 50%.
رابعًا: التوجه نحو التسويق الموجه عبر البيانات
في عام 2018، ازدادت أهمية البيانات في تشكيل الحملات التسويقية. ظهرت العديد من الدراسات التي ركزت على كيف يمكن استخدام البيانات الكبيرة (Big Data) لتحسين استراتيجيات التسويق. إحدى الدراسات التي أجرتها “شركة فورستر” في عام 2018 أظهرت أن 80% من الشركات التي تبنت تقنيات البيانات الكبيرة استطاعت تخصيص استراتيجيات تسويقية أكثر فعالية. كما أظهرت الدراسة أن الشركات التي استخدمت البيانات لتحليل سلوك المستهلكين والاتجاهات السوقية كانت أكثر قدرة على التفاعل مع الجمهور بشكل مخصص، مما ساعد في تحسين العوائد على الاستثمار (ROI).
البيانات الكبيرة سمحت للشركات بفهم عميق للاحتياجات والسلوكيات الفردية للمستهلكين، مما أدى إلى تحسين تجارب العملاء بشكل كبير. في هذا السياق، أصبح التسويق الموجه عبر البيانات أداة لا غنى عنها لدى الشركات التي تسعى للحفاظ على مكانتها في السوق.
خامسًا: البحث الصوتي وتفاعل المستهلكين
من الاتجاهات البارزة في التسويق لعام 2018 كان التوجه نحو البحث الصوتي. تشير الدراسات إلى أن 55% من الأسر في الولايات المتحدة استخدمت جهازًا صوتيًا ذكيًا مثل “أمازون إيكو” أو “جوجل هوم” في عام 2018. هذه الأجهزة غيرت من طريقة البحث عن المنتجات وشراءها، حيث أصبح المستهلكون يفضلون إجراء استفسارات صوتية بدلاً من البحث النصي التقليدي.
في هذا السياق، أظهرت دراسة أجراها “غوغل” أن 20% من عمليات البحث عبر محرك البحث في 2018 كانت عن طريق الأوامر الصوتية، مما يجعل الشركات بحاجة إلى تحسين استراتيجياتها التسويقية لتناسب هذا النوع من البحث. أصبح من الضروري على الشركات تحسين المحتوى الصوتي المتوافق مع هذه الأجهزة الذكية، وزيادة التفاعل الصوتي مع المستهلكين.
سادسًا: التحول في أساليب الإعلان التقليدية
في عام 2018، شهدت العديد من الدراسات انخفاضًا في فعالية الإعلان التقليدي على منصات مثل التلفزيون والصحف. حيث أظهرت دراسة أن 40% من الشركات أظهرت تراجعًا في الإيرادات الناتجة عن حملات الإعلان التقليدية. في المقابل، تزايدت فعالية الإعلانات الرقمية التي تعتمد على الوسائط الاجتماعية ومحركات البحث. هذا التحول دفع الشركات إلى تخصيص ميزانيات إعلانات أكبر للمنصات الرقمية، بما في ذلك الشبكات الاجتماعية مثل “فيسبوك” و”إنستغرام” و”تويتر”، التي أثبتت فعاليتها في الوصول إلى الجمهور المستهدف.
أما في مجال الفيديوهات، فقد أظهرت الدراسات أيضًا أن الفيديوهات التسويقية على منصات مثل “يوتيوب” و”فيسبوك” شهدت زيادة ملحوظة في التفاعل والمشاركة مقارنة بالإعلانات التلفزيونية التقليدية.
سابعًا: الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية
أحد الموضوعات التي برزت في الدراسات التسويقية لعام 2018 كان توجه المستهلكين نحو دعم الشركات التي تراعي الاستدامة والمسؤولية الاجتماعية. وفقًا لدراسة أجرتها “شركة نيلسن” في عام 2018، تبين أن 66% من المستهلكين على مستوى العالم مستعدون لدفع المزيد من المال لشراء المنتجات التي تلتزم بمعايير بيئية واجتماعية. هذا التحول في سلوك المستهلكين دفع الشركات إلى تغيير استراتيجياتها التسويقية لدمج قيم الاستدامة في رسائلها.
ثامنًا: تطور استراتيجية المحتوى
من أهم التوجهات في التسويق لعام 2018 كان التوجه المتزايد نحو إنشاء محتوى ذو قيمة عالية. أظهرت الدراسات أن 78% من المسوقين في عام 2018 قاموا بتخصيص جزء كبير من ميزانياتهم لإنشاء محتوى مبتكر وجذاب لجمهورهم. تمثل هذه الاستراتيجية ضرورة للشركات التي تسعى للتميّز في السوق عبر تقديم محتوى ذو جودة يتجاوز الإعلانات التقليدية. كما أن دراسة أجرتها “Content Marketing Institute” أظهرت أن الشركات التي تستخدم استراتيجيات التسويق بالمحتوى شهدت زيادة كبيرة في التفاعل والمبيعات.
الخاتمة
شهد عام 2018 تطورات هائلة في المجال التسويقي، حيث كان عام التحول الرقمي والتفاعل الذكي مع المستهلكين. تعددت الاتجاهات التي رافقت هذا العام، من تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي إلى انتشار التسويق عبر المؤثرين والتحولات في سلوك المستهلكين. ومع تزايد الاعتماد على البيانات الكبيرة والتكنولوجيا الحديثة، من المتوقع أن تستمر هذه التوجهات في تشكيل ملامح المستقبل التسويقي.
