أنواع الطيور المغردة

الطيور المغردة تشكل مجموعة واسعة ومتنوعة من الطيور التي تتميز بقدرتها على إنتاج أصوات موسيقية معقدة تستخدمها للتواصل، تحديد المناطق، وجذب الأزواج. وتعتبر الطيور المغردة من أجمل الكائنات الحية التي أبدعت الطبيعة في تشكيلها وصقل قدراتها الصوتية لتصبح جزءاً لا يتجزأ من النظم البيئية حول العالم. تتمتع هذه الطيور بتنوع هائل من حيث الشكل، الحجم، السلوك، والنظام الغذائي، كما تختلف في نوعية الأصوات التي تصدرها والتي تتفاوت بين تغريدات رقيقة وأخرى معقدة تدهش السامعين.

تعريف الطيور المغردة

الطيور المغردة هي مجموعة طيور تنتمي إلى رتبة العصفوريات (Passeriformes)، وتتميز بقدرتها على إصدار أصوات موسيقية عبر جهاز خاص يُسمى “السيرينكس”، الذي يمنحها إمكانيات صوتية مذهلة تتفوق على معظم الطيور الأخرى. وتُعرف هذه الطيور في الأوساط العلمية باسم “الطيور الغنائية” أو “الطيور ذات الأصوات”، ويُقدَّر أن هناك أكثر من 5000 نوع من الطيور المغردة تنتشر في مختلف أنحاء العالم.

السمات المميزة للطيور المغردة

تتميز الطيور المغردة بعدد من الخصائص الفريدة التي تجعلها متميزة عن غيرها من الطيور، ومن أبرز هذه السمات:

• تركيب السيرينكس: تمتلك الطيور المغردة جهازاً صوتياً متطوراً يمكنها من التحكم الدقيق في إنتاج النغمات المختلفة، وهو ما يميزها عن بقية الطيور.

• تنوع التغريد: تختلف أنواع الطيور المغردة في أنماط التغريد، حيث يمكن لبعض الأنواع ترديد مقاطع قصيرة ومتكررة، في حين تصدر أنواع أخرى مقاطع طويلة ومعقدة تحتوي على تنوع لافت في الطبقات الصوتية.

• القدرة على التعلم: العديد من الطيور المغردة قادرة على تعلم التغريدات من آبائها أو من البيئة المحيطة بها، بل يمكن لبعضها تقليد أصوات طيور أخرى أو حتى أصوات صناعية.

• الاستخدام السلوكي للتغريد: تُستخدم التغريدات لتحديد المناطق الجغرافية للطائر، وجذب الإناث خلال موسم التزاوج، وأيضاً للتحذير من الأخطار.

تصنيف الطيور المغردة

يمكن تصنيف الطيور المغردة وفقاً للعائلات والفصائل التي تنتمي إليها، وتوجد مجموعات رئيسية من هذه الطيور تضم مئات الأنواع. فيما يلي عرض مفصل لأهم العائلات التي تندرج تحت فئة الطيور المغردة:

عائلة الزرزوريات (Sturnidae)

تضم هذه العائلة طيور الزرزور المعروفة بتغريداتها الجماعية وقدرتها على تقليد أصوات الطيور الأخرى وحتى الأصوات البشرية. طيور الزرزور اجتماعية تعيش غالباً في أسراب كبيرة وتتميز بجمال ألوانها اللامعة.

عائلة الطيور الدُّرَّة (Fringillidae)

تشمل هذه العائلة طيور الحسون والكناري وغيرها من الطيور التي تتمتع بأصوات عذبة وأنماط تغريد متنوعة. تتميز هذه الطيور بحجمها الصغير وألوانها الزاهية، وتعد من أكثر الطيور انتشاراً في العالم.

عائلة الطيور التناجرية (Thraupidae)

عائلة واسعة تضم مئات الأنواع وتنتشر بشكل خاص في أمريكا الجنوبية. تتميز طيورها بألوانها البراقة وتغريداتها المتنوعة التي تختلف باختلاف الأنواع والبيئات.

عائلة الطيور الصائدة للذباب (Muscicapidae)

تضم طيوراً مغردة مثل طائر الحنة (الروبين) وطائر النمنمة. تتميز هذه الطيور بقدرتها على التقاط الحشرات أثناء الطيران وبأصواتها الرنانة التي تملأ الغابات والحدائق.

عائلة الطيور السُنونية (Hirundinidae)

من أشهر أعضاء هذه العائلة طيور السنونو المعروفة بقدرتها الكبيرة على الطيران لمسافات طويلة. رغم أن تغريداتها أقل تعقيداً من بعض الطيور الأخرى، إلا أنها تصدر أصواتاً مميزة تسمع في الأجواء المفتوحة.

عائلة الطيور القيقية (Corvidae)

تضم هذه العائلة طيوراً ذكية جداً مثل الغربان والقيق. رغم أن تغريداتها ليست موسيقية بالشكل التقليدي، إلا أنها تنتج أصواتاً معقدة تُستخدم للتواصل الاجتماعي وقد أظهرت دراسات عديدة ذكاءً استثنائياً لدى هذه الطيور.

أشهر أنواع الطيور المغردة

فيما يلي استعراض لأبرز وأشهر أنواع الطيور المغردة التي تحظى بشهرة عالمية نظراً لجمال أصواتها أو لشعبيتها الكبيرة بين هواة الطيور:

1. الحسون الأوروبي (European Goldfinch)

طائر صغير الحجم يتميز بريشه المزركش باللونين الأحمر والأصفر والأسود، ويُعتبر من أجمل الطيور المغردة بفضل تغريداته الرقيقة المتواصلة.

2. الكناري (Canary)

يُربى الكناري بكثرة في المنازل لجمال صوته وسهولة العناية به. يتمتع بقدرة عالية على التعلم وتطوير تغريدات معقدة.

3. طائر البلبل (Bulbul)

يُعتبر البلبل من الطيور الشهيرة في الوطن العربي، ويتميز بصوته الجميل الذي يطرب الآذان، بالإضافة إلى سلوكه الاجتماعي وقدرته على التكيف مع البيئات المختلفة.

4. طائر العندليب (Nightingale)

واحد من أروع الطيور المغردة في العالم، يشتهر العندليب بتغريداته الليلية المعقدة التي تحتوي على مقاطع متنوعة وتبدلات صوتية مدهشة.

5. طائر الشحرور (Blackbird)

ينتشر طائر الشحرور في الغابات والحدائق الأوروبية، ويتميز بصوته العذب وقدرته على إنتاج نغمات طويلة ومعقدة تُستخدم لجذب الإناث وتحديد المناطق.

6. طائر الدوري (House Sparrow)

رغم شيوعه في المدن والقرى إلا أن طائر الدوري يمتلك تغريدات جميلة ومميزة، كما يتمتع بقدرة اجتماعية عالية تجعله يتكيف مع البيئات الحضرية.

7. طائر المينا (Common Myna)

يمتاز طائر المينا بقدرته الفريدة على تقليد الأصوات البشرية وتكرار الكلمات والجمل، إلى جانب تغريداته الطبيعية التي تتميز بالتنوع والإبداع.

8. طائر القبرة (Lark)

من أشهر الطيور المغردة التي تتميز بتغريدها أثناء التحليق في السماء. طائر القبرة يصدر أصواتاً موسيقية معقدة خلال الطيران مما يميزه عن بقية الطيور المغردة.

9. طائر السمنة (Thrush)

تشتهر طيور السمنة بقدرتها على تكرار المقاطع الصوتية وإنتاج نغمات صافية وقوية، وهي من الطيور التي تُقدَّر تغريداتها في كثير من الثقافات.

10. طائر الروبن (Robin)

طائر صغير الحجم يتمتع بصوت رنان ومقاطع موسيقية مميزة، ينتشر في أوروبا ويُعتبر من الطيور المحببة لدى كثير من الشعوب.

أهمية الطيور المغردة في النظام البيئي

تلعب الطيور المغردة دوراً محورياً في المحافظة على التوازن البيئي في مختلف النظم الطبيعية حول العالم. ومن أبرز الوظائف التي تقوم بها هذه الطيور:

• مكافحة الحشرات: تعتمد العديد من الطيور المغردة على الحشرات كمصدر رئيسي للغذاء، مما يساهم في الحد من انتشار الآفات الزراعية والأمراض التي تنقلها الحشرات.

• تلقيح النباتات: بعض الطيور المغردة تساهم في تلقيح الأزهار أثناء تغذيتها على الرحيق، وبالتالي تلعب دوراً في استمرارية التنوع النباتي.

• نثر البذور: تقوم هذه الطيور بنقل بذور النباتات لمسافات بعيدة مما يساهم في إعادة تشجير المناطق الطبيعية.

• مؤشرات صحية للبيئة: تُعتبر الطيور المغردة من الكائنات الحساسة للتغيرات البيئية، ويُعد تواجدها بكثرة مؤشراً على صحة البيئة.

تهديدات تواجه الطيور المغردة

تعاني الطيور المغردة حول العالم من العديد من التهديدات التي تؤثر بشكل مباشر على أعدادها وانتشارها. من أبرز هذه التهديدات:

• فقدان المواطن الطبيعية: إزالة الغابات وتحويلها إلى مناطق زراعية أو حضرية يقلل من أماكن تعشيش وتغذية هذه الطيور.

• التلوث البيئي: التلوث الهوائي والمائي يؤثر سلباً على صحة الطيور المغردة ويهدد بقاءها.

• التغير المناخي: يؤدي تغير المناخ إلى اضطراب أنماط الهجرة والتكاثر لدى العديد من الطيور المغردة.

• الصيد الجائر: في بعض المناطق يتم صيد الطيور المغردة بكثرة لأغراض تجارية مثل تجارة الطيور المنزلية أو بسبب تقاليد محلية.

• المبيدات الحشرية: الاستخدام المكثف للمبيدات يؤدي إلى تراجع أعداد الحشرات التي تُعد غذاء رئيسياً للعديد من الطيور المغردة.

الجدول التالي يوضح أهم أنواع الطيور المغردة مع مناطق انتشارها وأبرز خصائصها:

دور الإنسان في حماية الطيور المغردة

يمكن للبشر أن يلعبوا دوراً فعالاً في الحفاظ على الطيور المغردة والحد من انقراضها من خلال عدد من الممارسات المستدامة التي تشمل:

• زراعة الأشجار والنباتات التي توفر مأوى وغذاء لهذه الطيور.

• الحد من استخدام المبيدات الكيميائية التي تؤثر على السلسلة الغذائية للطيور.

• المحافظة على المناطق الرطبة والغابات باعتبارها موائل طبيعية للطيور المغردة.

• دعم القوانين والتشريعات التي تمنع الصيد الجائر والتجارة غير المشروعة في الطيور.

إن الطيور المغردة ليست فقط زينة للطبيعة ولكنها عنصر فاعل في توازن النظم البيئية، ويعكس وجودها صحة البيئة التي نعيش فيها.

المراجع

• Gill, F., & Donsker, D. (2017). IOC World Bird List.

• Catchpole, C. K., & Slater, P. J. B. (2008). Bird Song: Biological Themes and Variations.