عبارات لا تقوليها لإبنك المراهق
تعتبر مرحلة المراهقة من أكثر المراحل الحساسة في حياة الإنسان، حيث يبدأ الشاب في بناء هويته الخاصة، ويختبر قدراته الذاتية ويواجه العديد من التحديات النفسية والعاطفية. في هذه الفترة، يكون للمشاعر والعلاقات الاجتماعية دور كبير في تشكيل شخصيته المستقبلية. لذلك، يجب أن تكون طريقة تعامل الوالدين مع أبنائهم في هذه المرحلة مليئة بالحذر والوعي، خاصة في ما يتعلق بالكلمات التي يتم نطقها في لحظات الغضب أو الإحباط.
الكلمات التي نستخدمها مع الأبناء في مرحلة المراهقة يمكن أن يكون لها تأثير بعيد المدى على صحتهم النفسية وعلى طريقة رؤيتهم لذاتهم. هناك العديد من العبارات التي قد يعتقد البعض أنها غير مؤذية أو أنها وسيلة للتوجيه، لكنها في الواقع قد تترك آثارًا سلبية تؤثر على العلاقة بين الوالدين والمراهق، وتساهم في تعزيز مشاعر الفشل أو التمرد أو حتى الانعزال. في هذا المقال، سنتناول مجموعة من العبارات التي يجب على الآباء تجنبها تمامًا عند التعامل مع أبنائهم المراهقين.
1. “أنت لا تفهم شيئًا”
من العبارات الشائعة التي يلجأ إليها البعض في لحظات الغضب، إلا أن هذه العبارة لا تؤدي إلا إلى زيادة المسافة بين الوالدين والمراهق. عندما نستخدم هذه العبارة، نحن نُقلل من قيمة أفكار أبنائنا ونعزز فيهم الشعور بالعجز وعدم القدرة على التعبير عن أنفسهم. المراهقون في هذه المرحلة يكونون في صراع دائم مع أفكارهم ومشاعرهم، ويحتاجون إلى الشعور بأنهم قادرون على التعبير عما يجول في أذهانهم دون أن يُستهان بهم أو يتم التقليل من شأنهم.
2. “لماذا لا تكون مثل أخيك/أختك؟”
هذه المقارنة بين الأبناء واحدة من أكثر العبارات المدمرة التي يمكن أن تُقال لمراهق. كل طفل لديه شخصيته الفريدة وموهبته الخاصة، والمقارنة بين الأبناء قد تؤدي إلى شعور المراهق بالغيرة أو النقص. بدلاً من المقارنة، يجب تشجيع المراهق على اكتشاف قدراته الخاصة وبناء ثقته في نفسه. كما أن المقارنة تساهم في تعزيز الشعور بالمنافسة بدلاً من التعاون والمحبة بين الأشقاء.
3. “سأفعل هذا بدلاً عنك لأنك لا تستطيع”
قد يبدو هذا النوع من العبارات وكأنه تحفيز للمراهق، لكن الحقيقة هي أنه يعزز شعور العجز لدى المراهق ويقلل من ثقته في قدراته الذاتية. المراهق في حاجة إلى الشعور بأنه قادر على إنجاز المهام بمفرده، حتى وإن أخطأ. عندما نتعامل مع المراهق على أنه غير قادر على تحقيق شيء ما، فإننا نغلق أمامه باب النمو الشخصي والتعلم من الأخطاء.
4. “أنت مجرد مراهق، لا تفهم الحياة بعد”
على الرغم من أن المراهقين يمرون بمرحلة من التغيرات الجسدية والعاطفية، إلا أن ذلك لا يعني أنهم لا يمتلكون القدرة على التفكير العقلاني وفهم بعض جوانب الحياة. هذه العبارة تقلل من شأن تجربتهم الخاصة وتُفقدهم الثقة في قدراتهم على اتخاذ القرارات. المراهق يحتاج إلى الدعم والتوجيه، ولكنه في الوقت ذاته يريد أن يشعر بأن له القدرة على اتخاذ قراراته الخاصة.
5. “أنت دائما تفعل الأشياء بطريقة خاطئة”
استخدام هذه العبارة بشكل مستمر يخلق لدى المراهق شعورًا باليأس والإحباط. إذا شعر المراهق أنه لا يستطيع فعل شيء بشكل صحيح، فقد يتوقف عن المحاولة أو يلجأ إلى الانعزال. بدلاً من هذه العبارة، يجب التركيز على تعزيز سلوكياته الإيجابية وتشجيعه على تحسين مهاراته بدلاً من التركيز فقط على الأخطاء.
6. “لقد كنت أفضل منك في مثل عمرك”
هذه العبارة قد تبدو وكأنها توجيه تهذيب للمراهق، لكنها في الواقع تزرع فيه شعورًا بالضغط وتجعله يشعر بأن هناك معايير معينة لا يمكنه الوصول إليها. كل جيل يختلف عن الجيل السابق من حيث الظروف الاجتماعية والتكنولوجية والتحديات الحياتية. المراهق لا يحتاج إلى مقارنة مستمرة مع الماضي، بل يحتاج إلى فرصة ليعيش تجاربه الخاصة ويختبر تحدياته بطرق مختلفة.
7. “إذا لم تفعل ما أقول، ستحصل على عقاب شديد”
استخدام التهديد بالعقاب كأسلوب تربوي يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية مع المراهق. عندما يشعر المراهق بأنه مهدد بالعقاب في كل خطوة، فإنه يصبح أكثر تمردًا أو انطوائية، وقد يفقد الثقة في والديه. بدلاً من ذلك، يجب التركيز على التواصل المفتوح ووضع الحدود بطريقة واضحة وصحية، مع منح المراهق الفرصة لتحمل المسؤولية عن أفعاله.
8. “أنت لا تستحق أي شيء”
هذه العبارة تمثل أذى نفسيًا كبيرًا لأي مراهق، لأنها تمس كرامته وتجعله يشعر بعدم جدواه. إذا كان المراهق يواجه صعوبة في تلبية توقعات والديه، فإن العبارة تصبح بمثابة حكم نهائي على شخصيته. يجب أن يتعلم الآباء أن يوضحوا لأبنائهم أن الفشل ليس نهاية العالم، بل هو جزء طبيعي من الحياة وأنهم يستحقون دائمًا الدعم والمساندة.
9. “لا تفكر في المستقبل، لديك وقت طويل”
على الرغم من أن المراهقين يواجهون تحديات مختلفة مع مرحلة البلوغ، إلا أنهم في الوقت نفسه يبدأون في بناء تصورهم عن المستقبل. قصر المستقبل على عبارات مثل هذه يعزز فيهم التسويف وعدم الاهتمام بالتخطيط لحياتهم. من المهم توجيههم إلى أهمية التفكير في المستقبل، ولكن بطريقة تشجعهم على التحضير والتخطيط بدلًا من التأجيل.
10. “لن تجد مكانًا أفضل مني”
من العبارات التي قد تقال في حالات الغضب أو الحماية المفرطة، لكنها تؤدي إلى تعزيز شعور المراهق بأنه لا يستطيع التحرك أو اتخاذ قراراته بمفرده. المراهق يحتاج إلى أن يشعر بالأمان والدعم من قبل والديه، لكن ذلك لا يعني أن يتم تقييد حريته أو منع استقلاله.
11. “لن تكون شيئًا في الحياة”
هذه العبارة تمثل واحدة من أسوأ العبارات التي يمكن أن تقال لأي شخص، مهما كان عمره. لا يمكن لأي شخص أن يحدد مصير شخص آخر بشكل قاطع، خصوصًا في مرحلة المراهقة، حيث أن الإنسان في هذه الفترة ما زال يتشكل ويكتشف نفسه. يجب أن يتعلم الآباء أن يوجهوا أبنائهم بكلمات تشجيعية ومشجعة بدلًا من تحطيم آمالهم وطموحاتهم.
خلاصة
إن الكلمات التي نختارها عندما نتحدث مع أبنائنا المراهقين تحمل أهمية كبيرة، حيث يمكن أن تكون سببًا في تعزيز ثقتهم بأنفسهم أو تدميرها. يجب على الآباء أن يتفهموا أن مرحلة المراهقة هي فترة بناء الهوية والتطور الشخصي، وبالتالي فإن العبارات التي نتفوه بها يجب أن تكون مشجعة وداعمة وليست محبطة أو مثبطة. بالتوجيه الصحيح والتواصل البناء، يمكن للمراهقين أن يتعلموا من أخطائهم وينمووا ليصبحوا أشخاصًا ناضجين قادرين على مواجهة تحديات الحياة.
