دليل التسويق عبر البريد الإلكتروني – الجزء الثاني: استراتيجيات وتقنيات متقدمة لزيادة الفعالية
يُعد التسويق عبر البريد الإلكتروني أحد أقوى الأدوات التي يمكن أن يستخدمها المسوقون اليوم لتحقيق أهدافهم التجارية، ولا سيما في العصر الرقمي حيث تتزايد المنافسة وتحتاج الشركات إلى أدوات فعّالة للتواصل مع العملاء والحفاظ على علاقة مستدامة معهم. في الجزء الأول من هذا الدليل، تم التطرق إلى الأساسيات وأهمية بناء قائمة بريدية ذات جودة عالية، بينما في هذا الجزء سنتناول تقنيات واستراتيجيات متقدمة يمكن أن تُحسن من فعالية حملات التسويق عبر البريد الإلكتروني.
1. تخصيص الرسائل: من البساطة إلى العمق
من أهم الاستراتيجيات التي يمكن أن تحسن من نتائج التسويق عبر البريد الإلكتروني هو تخصيص الرسائل. التخصيص يعني أكثر من مجرد إضافة اسم المستلم في بداية الرسالة، بل يتطلب أن تكون الرسالة موجهة بشكل خاص بناءً على سلوك المستلم واهتماماته.
على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات مثل تتبع سلوك المستخدمين عبر الإنترنت، ومراقبة عمليات الشراء أو التصفح السابقة، ومن ثم إرسال رسائل تستهدف اهتماماتهم بشكل أكثر دقة. باستخدام أدوات تحليل البيانات المتقدمة، يمكن تقسيم الجمهور إلى مجموعات أصغر بحيث تحصل كل مجموعة على محتوى مصمم خصيصاً لها.
2. الاستفادة من التوقيت الأمثل
التوقيت هو أحد العوامل الحاسمة في التسويق عبر البريد الإلكتروني. ففي حين أن إرسال البريد الإلكتروني في أوقات معينة قد يكون فعالًا، فإن التوقيت الشخصي يعد خطوة أخرى للأمام. من خلال أدوات التحليل، يمكن معرفة الوقت الذي يكون فيه كل مستخدم أكثر نشاطًا، وتوجيه رسائل البريد الإلكتروني في هذه الأوقات لضمان أعلى معدلات فتح الرسائل.
يستفيد المسوقون أيضًا من مبدأ “التسويق القائم على الأحداث”، مثل إرسال رسائل في أوقات معينة مثل الأعياد أو بعد حدوث حدث معين مرتبط بالعميل (على سبيل المثال، تذكير بمنتجات تم مشاهدتها أو تذكير بعيد ميلاد العميل).
3. التفاعل الآلي باستخدام أدوات التسويق المتقدمة
أحد أكبر التطورات في التسويق عبر البريد الإلكتروني هو الاعتماد على أدوات الأتمتة. تمكّن هذه الأدوات المسوقين من إرسال رسائل موجهة بناءً على تفاعلات العميل في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، يمكن إعداد سلسلة من الرسائل التلقائية التي يتم إرسالها للعميل بعد أن يلتقط منتجًا معينًا على الموقع، أو يمكن إرسال رسائل تذكيرية لمتابعة سلة المشتريات المفقودة.
إن الأتمتة تسهم في بناء علاقة تفاعلية مع العميل دون الحاجة لتدخل يدوي مستمر. علاوة على ذلك، يمكن تخصيص هذه الرسائل بناءً على التصرفات السابقة للعميل أو تفاعلاته مع العلامة التجارية.
4. تحسين القوائم البريدية باستخدام تقنيات التصفية المتقدمة
من أجل زيادة فعالية حملات البريد الإلكتروني، يجب أن تكون القوائم البريدية محدثة بشكل دائم وخالية من العناوين غير الفعالة. يمكن الاستفادة من تقنيات تصفية البيانات الحديثة لإزالة المشتركين غير النشطين. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد التفاعل الأخير للمستخدم (مثل فتح الرسائل أو النقر على الروابط) في تحديد ما إذا كان يجب إبقاء المشتركين في القائمة أو إزالتهم.
أيضًا، من المهم تحديد المشتركين الذين قد يكون لديهم اهتمام فعلي، ثم توجيه الرسائل لهم بشكل مخصص أكثر. يمكن استخدام أدوات متقدمة لمعرفة مدى تأثير الرسائل على جمهور معين، وبالتالي معرفة نقاط القوة والضعف في حملات البريد الإلكتروني.
5. تحسين العناوين لزيادة معدلات الفتح
العنوان هو أول ما يراه المتلقي عند استلام رسالة بريد إلكتروني. إذا كان العنوان غير جذاب، فإن العميل قد يتجاهل الرسالة تمامًا. إن إنشاء عناوين جذابة يعد فنًا في حد ذاته. العناوين القصيرة، المحفزة على الفعل، وتلك التي تحتوي على عنصر من الاستفهام أو الإثارة، تؤدي إلى زيادة معدلات الفتح.
يمكن أيضًا تجربة عدة عناوين عبر تقسيم الجمهور لاختبار أيهما الأكثر جذبًا. هذا ما يُسمى باختبار A/B، الذي يُعد من أدوات التسويق الأساسية التي تساعد في تحسين الاستراتيجيات عبر البريد الإلكتروني من خلال تحليل البيانات الفورية.
6. التصميم المتجاوب مع جميع الأجهزة
في عالم اليوم حيث تزايدت استخدامات الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة، أصبح من الضروري أن تكون رسائل البريد الإلكتروني متوافقة مع جميع الأجهزة، بما في ذلك الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. يشير التصميم المتجاوب إلى تصميم الرسائل بحيث تكون قابلة للقراءة والتفاعل مع جميع أنواع الأجهزة، مما يضمن للمستخدمين تجربة سلسة.
إن استخدام صور بحجم مناسب وتنسيق الرسائل ليكون سهل التصفح على شاشة الهاتف يعزز من تفاعل العملاء. أيضًا، يجب أن يكون الزر المخصص للنقر واضحًا وسهل الوصول إليه بغض النظر عن نوع الجهاز الذي يتم استخدامه.
7. تقنيات التحليل والتقارير لتحسين الأداء
من أجل تحسين الأداء المستقبلي لحملات البريد الإلكتروني، من الضروري تحليل البيانات التي يتم جمعها بشكل مستمر. تشمل هذه البيانات معدلات الفتح، معدلات النقر، معدل التحويل، وغيرها من المؤشرات التي تتيح للمسوقين تقييم فعالية رسائلهم.
من خلال التحليل الدقيق لهذه البيانات، يمكن للمسوقين معرفة ما ينجح وما لا ينجح في حملاتهم. هذا يتيح لهم تعديل استراتيجياتهم بشكل مستمر، مما يحسن النتائج بمرور الوقت. أدوات التحليل المتقدمة مثل Google Analytics و Mailchimp تساعد المسوقين في جمع هذه البيانات وتقديم تقارير شاملة تسهم في تحسين الأداء.
8. اتباع ممارسات الحماية من الرسائل غير المرغوب فيها (SPAM)
من الأهمية بمكان تجنب تصنيف رسائل البريد الإلكتروني كرسائل غير مرغوب فيها. لكي تظل الرسائل فعّالة، يجب التأكد من أن قوائم البريد الإلكتروني نظيفة وخالية من العناوين غير المصرح بها أو المكررة. يجب أيضًا تجنب الممارسات التي قد تؤدي إلى إرسال البريد الإلكتروني إلى مجلد الرسائل المزعجة مثل استخدام العناوين المضللة أو المحتوى المفرط في التحفيز.
إضافة إلى ذلك، يتوجب على المسوقين التأكد من أن عملائهم قد وافقوا على استلام الرسائل عبر البريد الإلكتروني (من خلال اشتراكهم المسبق)، وذلك للامتثال لقوانين الحماية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) أو قانون CAN-SPAM في الولايات المتحدة.
9. الابتكار في المحتوى: البقاء مميزًا
في خضم الكم الهائل من الرسائل التي يتلقاها الأفراد يوميًا، يصبح من الضروري أن يقدم المسوقون محتوى مميزًا ولافتًا. يمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم محتوى ذو قيمة حقيقية للعميل مثل النصائح المفيدة، أو العروض الحصرية، أو حتى القصص المؤثرة التي تثير اهتمام المستلمين.
يجب أن يكون المحتوى ملائمًا لاحتياجات العميل وليس مجرد رسائل ترويجية. في حال كان البريد الإلكتروني يحتوي على محتوى شيق ومثير للاهتمام، سيكون أكثر احتمالًا لأن يُفتح ويتم التفاعل معه.
10. الاختبار المستمر والتحسين
يُعد التسويق عبر البريد الإلكتروني مجالًا ديناميكيًا يتطلب التحسين المستمر. يجب على المسوقين إجراء اختبارات مستمرة على الرسائل والعناوين والتصميمات، إضافة إلى تجارب تقنيات جديدة مثل الرسائل التفاعلية أو الرسائل المخصصة حسب الموقع الجغرافي.
باختصار، الاستفادة من التحليل البياني، التخصيص، والابتكار في التسويق عبر البريد الإلكتروني يمكن أن يحقق نتائج رائعة.
