في كتابه الرائع بعنوان “آل عثمان وآل هابسبورگ”، يقدم الكاتب محمد الرفاعي للقراء رحلة مثيرة ومفصلة إلى فترة العصور الوسطى، حيث تتلاقى مصائر مملكة المجر والنمسا مع التحديات الكبيرة التي واجهتها من جهة الزحف الإسلامي، الذي كان يتجلى في السلطنة العثمانية العظيمة. يتناول الكتاب بشكل شامل دور آل هابسبورگ كحاملين لراية المقاومة أمام هذا الزحف، وكيف كانوا من بين أشد المدافعين عن العالم النصراني الغربي.
الكتاب يستعرض ببراعة وعمق الأحداث التاريخية التي شهدتها المنطقة، حيث حرضت الصفويين على مهاجمة السلطنة العثمانية من الخلف، وتحالفت مع القياصرة الروس في حملتهم ضد السلطنة، رغم التهديد البعيد للمصالح الغربية. يُسلط الكاتب الضوء على الصراعات والتحالفات الدولية التي شكلت تحديًا كبيرًا للسلطنة العثمانية، وكيف تم تحفيز هذا الصراع من قِبَلِ الصفويين والقياصرة.
من خلال الكتاب، يُظهر الرفاعي ببراعة التفاصيل الدقيقة للأحداث، حيث يُسلط الضوء على اللحظات الحرجة والتحولات التي مرت بها المنطقة. كما يقدم للقارئ نظرة عميقة في الحروب والتكتيكات العسكرية، وكيف كانت المملكة العثمانية تهدد العاصمة النمساوية في محاولتين مثيرتين، ولكن بمشيئة الله وتدبيره، لم تسقط العاصمة، مما أثر بشكل كبير على مسار التاريخ الأوروبي.
يُظهر الكتاب بوضوح تفاني الكاتب في البحث والتوثيق، مما يجعله مصدرًا قيمًا لفهم عميق لتلك الفترة التاريخية المهمة. وفي غلافه الورقي الجميل الذي أخرجه نور للنشر، يجسد الكتاب فنًا رائعًا يعكس أهمية الموضوع وجودته. يُصنف الكتاب تحت فئة الكتب السياسية، وتحديدًا في فرع العلوم السياسية، مما يجعله قراءة ضرورية للمهتمين بدراسة التاريخ السياسي والثقافي في هذه الفترة الزمنية الحاسمة.